ألفاً (١٨). نصفهم تقريباً من المعدمين الذين يعيشون على الصدقات البابوية، ودمرت ميلان وقتل أهلها على بكرة أبيهم. وتدهورت مئات من المدن والقرى إلى هوة الإفلاس بسبب اغتصاب الحكام ونهب الجنود، وبارت الكثير من الأراضي التي كانت من قبل خصبة وهجرها السكان، ونقصت موارد الطعام. ويقول الرواة إن خمسين ألفاً ماتوا من الجوع في بيسينوم Picenum وحدها في خلال هذه الأيام الثمانية عشر (١٩). وتحطم كيان الأشراف، فقد قتل كثيرون منهم في المعارك الحربية وفي أعمال النهب، وفر عدد كبير منهم إلى خارج البلاد حتى لم يبق منهم من يكفى لقيام مجلس شيوخ روما، فلم تعد تسمع عنه شيئاً ما بعد عام ٥٧٩ (٢٠). وتهدمت قنوات مياه الشرب التي أصلحها ثيودريك من قبل وأهملت، واستحالت الكمبانيا مرة أخرى مناقع واسعة تتفشى فيها الملاريا، ولا تزال كذلك حتى يومنا هذا. وبطل استعمال الحمامات الفخمة التي كانت تمدها هذه القنوات بالماء وتهدمت، وحطمت مئات من التماثيل التي نجت من عبث ألريك وجيسريك، أو صهرت لتصنع من معادنها قذائف وعدد حربية في أثناء الحصار. وكانت آثار الخراب والدمار هي كل ما يشهد بما كان لروما القديمة عاصمة نصف العالم من عظمة وجلال. ولبث الإمبراطور الشرقي زمناً قليلاً حاكماً على إيطاليا بعد هذا الخراب، ولكن ما ناله من النصر كان نصراً عديم القيمة كلفه الكثير من المال والرجاء والعناء، ولم تنج روما من آثار هذا النصر حتى عصر النهضة.