الإسكندرية أن انقسموا هم أيضاً إلى طائفتين يعقوبيتين إحداهما تؤمن بنصوص الكتاب المقدس وأخرى لا تؤمن به. وكان أفراد الطائفتين يقتتلون في شوارع المدينة بينما كانت نساؤهم يتبادلن القذائف من سطوح المنازل. ولما ان أجلست قوات الإمبراطور المسلحة أسقفاً كاثوليكياً في كرسي أثناسيوس كانت أول تحية حياه به المصلون أن رجموه بوابل من الحجارة، ثم قتله جنود الإمبراطور وهو جالس على كرسيه. وبينما كانت الكثلكة تسيطر على أسقفية الإسكندرية، كان الخارجون عليها يزداد عددهم زيادة مطردة في ريف مصر، فكان الفلاحون لا يأبهون بقرارات البطريق أو بأوامر الإمبراطور، وكانت مصر قد خرجت عن طاعة الإمبراطورية أو أوشكت أن تخرج عن طاعتها قبل أن يفتتحها الغرب بقرن كامل.
وتغلبت ثيودورا بثباتها على جستنيان المتردد في هذه المسألة كما تغلبت عليه في كثير من المسائل الأخرى، فأخذت تأمر مع شماس روماني يدعى فيجلوس Vligilius وتعرض عليه أن تنصبه بابا إذا قبل بعض مطالب اليعقوبيين. وأثمرت هذه المؤامرة ثمرتها، فأخرج بليساريوس البابا سلفريوس من روما (٥٣٧) ونفي إلى جزيرة بلماريا Palmaria حيث مات مما لقيه من قسوة، ونصب فيجليوس بابا في مكانه بأمر الإمبراطور. وقبل جستنيان آخر الأمر رأي ثيودورا القائل بأن مذهب اليعاقبة لا يمكن القضاء عليه، فحاول أن يسترضي أتباعه في وثيقة دينية إمبراطورية تعرف باسم الفصول الثلاثة. ثم استدعى فيجليوس إلى القسطنطينية وألح عليه بأن يوافق على هذه الوثيقة. وأجابه فيجليوس إلى طلبه في كره منه، فما كان من رجال الدين الكاثوليك في أفريقية إلا أن أعلنوا طرده من الكنيسة وتجريده من رتبه الكهنوتية (٥٥٠). وحينئذ قام جستنيان بمحاولة سافرة للسيطرة على البابوية لم يقم بها إمبراطور غيره من قبله. ذلك أنه دعا مجلساً عاماً للاجتماع في القسطنطينية (٥٥٣) لم يكد يحضره أحد