مائة من المتصوفة اليهود، والمسلمين، والمسيحيين على السواء يستمدون آراءهم منها، وكان فنانو العصور الوسطى ورجال الدين الشعبيون يتخذونها مرشداً هادياً معصوماً من الزلل يصل بها الكائنات العليا وطبقات الصديقين الأبرار. وكان غرضها العام أن تجمع بين الأفلاطونية الحديثة وعلوم الكون المسيحية. ومن تعاليمها: أن الله موجود في جميع الكائنات، وأنه مصدر حياتها جميعاً، وإن كان جلاله فوق مدارك العقل، وأن بين الله والبشر ثلاث طبقات ثلاثية من الكائنات غير البشرية هي: السيرافيم، والشيروبيم، وحملة العرش، والقوى المسيطرة، والفضائل، والسلطات، ثم الملائكة العليا وكبار الملائكة، والملائكة (وليذكر القارئ كيف رتب دانتي هذه الطوائف التسع حول عرش الله، وكيف جمع ملتن بعض أسمائها في بيت له طنان رنان). وتقول هذه الكتب إن الخلق هو عملية انبعاث: أي أن الأشياء جميعها تنبعث من الله عن طريق تلك الطبقات من الملائكة، ثم تنعكس الآية فتقود هذه الطبقات التسع من الهيئة السماوية العليا بني الإنسان وجميع المخلوقات وتعود بهم إلى الله.