للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويقوم إلى جوار المعبد في أغلب الحالات برج عال يسمى بلغتهم زاجورات (ومعناها "مكان عال") يتكون من طبقات مكعبة الشكل بعضها فوق بعض، وتتناقص كلما علت، ويحيط بها سلم من خارجها. وكانت تستخدم إما في الأغراض الدينية- فقد كان مزاراً عالياً للإله صاحب الهيكل- وإما في أغراض فلكية بأن تكون مرصداً يرقب منه الكهنة الكواكب التي تكشف عن كل شيء في حياة الناس.

وكان الزاجورات العظيم الذي في برسبا يسمى "مراحل الأفلاك السبع"، وكانت كل طبقة من طبقاته مخصصة لكوكب من الكواكب السبعة المعروفة عند البابليين، وملونة بلون يرمز إلى هذا الكوكب. فكانت الطبقة السفلى سوداء اللون كلون زحل، والتي تليها بيضاء كلون الزهرة، والتي فوقها أرجوانية للمشتري؛ والرابعة زرقاء لعطارد؛ والخامسة قرمزية للمريخ؛ والسادسة فضية للقمر؛ والسابعة ذهبية للشمس. وكانت هذه الأفلاك والكواكب تشير إلى أيام الأسبوع السبعة مبتدئة من أعلاها (١٤٧).

ولم يكن في هذه المباني- على قدر ما نستطيع أن نتبين من منظرها- شيء كثير من الذوق الفني، فقد كانت كلها كتلاً ضخمة من خطوط مستقيمة لا تتطاول إلى شيء أكثر من مجد الضخامة، وقد نجد في بقاع متفرقة بين الخرائب القديمة عقوداً وأقواساً، وهي أشكال أخذت عن سومر واستخدمت في غير عناية ومن غير علم بمصيرها. وكان ما في المباني من زينات في داخلها وخارجها يكاد يقتصر على طلاء بعض أوجه الآجر، بعد صقلها، بالألوان الصفراء، والزرقاء، والبيضاء، والحمراء، وإقامة صور من القرميد للحيوان والنبات في مواضع قليلة من الجدران. وهذا "التزجيج"، الذي لم يكن يقصد به تجميل البناء فحسب بل كان يقصد به أيضاً وقاية المباني من الشمس والمطر، قديم يرجع على الأقل إلى عهد نارام- سِنْ، وقد ظل شائعاً في أرض النهرين إلى أيام