رقيقة، وطنفسة كبيرة (٥٨). ومن التحف الذائعة الصيت "طنفسة الشتاء" لكسرى أنوشروان. وقد نقشت هذه الطنفسة لتنسيه نقوشها التي تمثل مناظر الربيع والصيف برد الشتاء. كان فيها أزهار وفاكهة منسوجة من الياقوت، وكانت فيه ماسات تنمو بجوار جدران من الفضة؛ وجداول من اللؤلؤ فوق أرضية من الذهب (٥٩)، وكان مما يفخر به هارون الرشيد طنفسة ساسانية كبيرة مرصعة بالجواهر (٦٠). وقد بلغ من مهارة الفرس أن كانوا يكتبون قصائد الحب على طنافسهم (٦١).
ولم يبق من الفخار الساساني إلا قطع قليلة من ذات الفائدة المادية، لكن فن الخزف كان راقياً في أيام الملوك الإكيمينيين، وما من شك في أنه لم يمح كله من الوجود في أيام الساسانيين، لأنه بلغ من ذروة الكمال في إيران الإسلامية. ويظن إيرنست فنلوز Ernest Feneilosa أن بلاد الفرس قد تكون هي المركز الذي انتشر منه فن الميناء حتى في بلاد الشرق الأقصى (٦٢)، ولا يزال مؤرخو الفن يتجادلون هل فارس الساسانية، أو سوريا، أو بيزنطية هي التي أنشأت فن الخزف البرّاق ذي الطلاء الذهبي أو الفضي أو النحاسي، وفن الميناء ذي الحواجز من خيوط معدنية. وكان صناع المعادن الساسانيون يصنعون جراراً، وأباريق، وأقداحاً كأنهم يصنعونها إلى جبل من الجبابرة؛ وكانوا يديرونها على مخارط؛ وينقشونها بالأزميل، أو يحدثون عليها رسوماً بارزة بطرقها من الداخل، ويتخذون لها أيادي وأفواهاً على شكل حيوانات تختلف من الديكة إلى الآساد. وفي دار الكتب الأهلية بباريس قدح فارسي ذائع الصيت هو "قدح كسرى" له رصيعة من البلور المطعم في شبكة من الذهب المطروق. وتقول الرواية المتواترة إن هذا القدح كان من الهدايا التي بعث بها هارون الرشيد إلى شارلمان. وليس ببعيد أن يكون القوط قد أدخلوا هذا الفن عن الفرس ونقلوه إلى بلاد الغرب (٦٤).