التاج في عام ٦٣٤ على رأس يزدجرد الثالث سليل بيت ساسان وابن جارية زنجية (٦٩).
وفي عام ٦٣٢ توفي محمد (صلى الله عليه وسلم) بعد أن أنشأ دولة عربية جديدة، وتلقّى عُمر خليفته الثاني، رسالة من المثنى قائده في سوريا، يبلغه فيها أن الفوضى ضاربة أطنابها في بلاد الفرس وأنه قد آن الأوان للاستيلاء عليها (٧٠). وعهد عمر هذا العمل إلى خالد بن الوليد أعظم قواده جميعاً. وزحف خالد بازاء الساحل الجنوبي للخليج الفارسي على رأس قوة من العرب البدو الذين ضرستهم الحروب والراغبين أشد الرغبة في الغنائم (١)، ثم أرسل رسالة إلى هورمزد حاكم الولاية القائمة على الحدود الفارسية يقول له فيها:"أسلم تسلم".
ودعاه هورمزد إلى المبارزة وقبل خالد دعوته وقتله. وتغلب المسلمون (٧١) على كل ما واجهوه من مقاومة حتى وصلوا إلى نهر الفرات؛ ثم استدعي خالد لينقذ جيشاً عربياً في الجبهة أخرى، وتولى المثنى قيادة العرب، وعبر النهر على جسر من القوارب. وعهد يزدجرد، وكان لا يزال شاباً في الثانية والعشرين من العمر، بالقيادة العليا إلى رستم والي خراسان، وأمره أن يجند قوة ضخمة ينقذ بها الإمبراطورية. والتقى الفرس بالعرب في موقعة الجسر وهزموهم وأخذوا يطاردونهم مطاردة فيها كثير من التهور. وأعاد المثنى تنظيم صفوفه وهزم في واقعة البويب الجيش الفارسي المختل النظام وأفناه عن آخره تقريباً (٦٣٤). وكانت خسائر المسلمين في هذه المعركة فادحة، فقد مات المثنى متأثراً بجراحه، ولكن الخليفة أرسل قائداً آخر أقدر منه يدعى سعد بن أبي وقاص على رأس جيش جديد قوامه ثلاثون ألف رجل. ورد يزدجرد على هذا بأن أنزل إلى الميدان جيشاً مؤلفاً من ١٢٠. ٠٠٠ من الفرس. وعبر بهم رستم نهر الفرات وعسكر عند القادسية
(١) وكان حقاً على أن يضيف إلى ذلك قوله: والعامرة قلوبهم بالدين والراغبين في الاستشهاد في سبيله. (المترجم)