للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حيث دارت معركة من أعظم المعارك الحاسمة في تاريخ آسية وأشدها هولاً، دامت أربعة أيام. وهبت في اليوم الرابع عاصفة رملية في وجوه الفرس، واغتنم العرب هذه الفرصة وحملوا على أعدائهم الذين أعمتهم الرمال حملة صادقة، قتل فيها رستم ومزق جيشه شر ممزق (٦٣٦). وزحف سعد بجنوده دون أن يلقى مقاومة تذكر حتى وصل إلى نهر دجلة، واجتازوه ودخل المدائن.

وذهل العرب السذج الأشداء حين وقعت أعينهم على القصر الملكي وأدهشته عقوده الفخمة، وبهوه الرخامي العظيم، وطنافسه الكبيرة، وعرشه المطعم بالجواهر، وقضوا أربعة أيام يحاولون جمع غنائمهم. ولعل هذا هو السبب الذي من أجله نهى عمر سعداً عن متابعة الزحف نحو الشرق وقال له إن في العراق ما يكفي (٧٢). ووافق سعد على أمر الخليفة وقضى الثلاث السنين التالية يوطد دعائم حكم العرب في أرض الجزيرة. وكان يزدجرد في هذه الأثناء ينشئ في ولاياته الشمالية جيشاً جديداً قوامه ١٥٠. ٠٠٠ مقاتل. وبعث عمر لملاقاته ٣٠. ٠٠٠ من رجاله، والتقى الجيشان عند نهاوند، وهزم العرب الفرس بفضل مهارتهم في الفنون العسكرية في معركة "فتح الفتوح" وقتل من الفرس في هذه المعركة ١٠٠. ٠٠٠ ضيق عليهم العرب في مضيق بين جبلين (٦٤١)؛ وسرعان ما سقطت بلاد الفرس كلها في أيدي العرب، وفر يزدجرد إلى بلخ وطلب إلى الصين أن تمد له يد المعونة؛ ولكن الصين لم تجبه إلى طلبه، ثم عاد فطلبها إلى الترك، فأمدوه بقوة صغيرة، لكن الجنود الترك قتلوه طمعاً في جواهره حين هم بالزحف ليبدأ الحرب من جديد (٦٥٢)؛ وبذلك انتهى عهد الساسانيين في فارس.