للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقتئذ فتاة حسناء في السابعة من العمر (١).

ولم ينقطع عنه الوحي في هذه الأثناء، وخيل إليه في ذات ليلة أنه انتقل من نومه إلى بيت المقدس، حيث رأى في انتظاره عند المبكى من أنقاض هيكل البُرَاق، وهو جواد مجنح فطار به إلى السماء، ثم عاد به منها، ثم وجد النبي نفسه بمعجزة أخرى آمناً في فراشه بمكة. وبفضل الإسراء أصبحت بيت المقدس ثالثة المدن المقدسة عند المسلمين (٢).

وفي عام ٦٢٠ أخذ محمد يبث الدعوة بين التجار الذين وفدوا على مكة ليحجوا إلى الكعبة، وقبل بعض التجار دعوته، لأن عقائد التوحيد، والرسول المبعوث من عند الله، ويوم الحساب كانت مألوفة عندهم، انتقلت إليهم من يهود المدينة. ولما عاد هؤلاء التجار إلى بلدهم أخذ بعضهم يدعون أصدقائهم إلى الدين الجديد، ورحب بعض اليهود بهذه الدعوة لأنهم لم يروا فارقاً كبيراً بين تعاليم محمد وتعاليمهم. وفي عام ٦٢٢ أقبل على محمد في مكة سراً ثلاثة وسبعون رجلاً من أهل المدينة ودعوه إلى الهجرة إلى بلدهم واتخاذها موطناً له. فسألهم هل يدافعون عنه كما يدافعون عن أبنائهم، فأقسموا أن يفعلوا، ولكنهم سألوه عما يُجزون به إذا قُتلوا في أثناء دفاعهم عنه، فأجابهم بأن جزائهم هو الجنة.

وفي ذلك الوقت أصبح أبو سفيان حفيد أمية زعيم قريش في مكة، وكان قد نشأ في جو من الكراهية لبني هاشم، فعاد إلى اضطهاد أتباع محمد، ولعله


(١) تزوج الرسول عائشة رضي الله عنها بمكة وهي بنت سبع سنين وبنى بها بالمدينة وهي بنت تسع سنين أو عشر، وفي البخاري أنه تزوج بها وهي بنت ست وبنى بها وهي بنت تسع. (ي)
(٢) عُني المسلمون بمسألة الإسراء والمعراج فمنهم من يقول إن الإسراء كان بجسده وروحه ومنهم من يقول إن ذلك كان رؤيا حق ومن هؤلاء عائشة أم المؤمنين ومعاوية بن أبي سفيان. راجع سيرة بن هشام. (ي)