للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد سمع أن النبي يعتزم الهجرة من مكة، وخشي أنه إذا استقر له الأمر في المدينة قد يشن الحرب على مكة وعلى آلهة الكعبة. وعهدت قريش بتحريضه إلى بعض رجالها أن يقبضوا على محمد، ولعلها عهدت إليهم أن يقتلوه، وعلم محمد بالخبر ففر هو وأبو بكر إلى غار ثور على بعد فرسخ من مكة، وظل رسل قريش يبحثون عنهما ثلاثة أيام ولكنهم عجزوا عن العثور عليهما. وجاء أبناء أبي بكر لهما بجملين (١) فركباهما في أثناء الليل واتجها بهما شمالاً، وبعد أن ضلا سائرين عدة أيام قطعا فيها نحو مائتي ميل وصلا أخيراً إلى المدينة في ٢٤ سبتمبر من عام ٦٢٢. وكان قد سبقهم إليها مائتان من المسلمين بدعوى أنهم حجاج عائدون من مكة، ووقفوا عند أبواب المدينة ومعهم من أسلم من أهلها ليستقبلوا النبي، وبعد سبعة عشر عاماً من ذلك الوقت اتخذ الخليفة عمر اليوم الأول من السنة العربية التي حدثت فيها تلك الهجرة، وكان هو في ذلك العام يوم ١٦ يولية من سنة ٦٢٢، البداية الرسمية للتاريخ الإسلامي.


(١) في حديث الهجرة لا نرى ذكراً صريحاً لأبناء أبي بكر يقدمون للرسول وصاحبه راحلتين ليركباهما في هجرتهما، وإنما نرى أبا بكر نفسه يشتري راحلتين ويعدهما لذلك اليوم، ثم نرى أسماء بنت أبي بكر تقدم لهما طعاماً في جراب تربطه بقطعة من نطاقها، ولذلك سميت بذات النطاقين، ونرى عبد الله بن أبي بكر في قريش بالنهار يسمع ما يقولون بشأن الرسول وصاحبه ثم يأتيهما في المساء ليخبرهما الخبر. (ي)