للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صور. ولما كانت ألفاظه خالية من الحركات فقد اختلف بعض القراء في تفسير بعضها واختلفت نصوصها (١) في مدن العالم الإسلامي الآخذ في الاتساع، فرأى الخليفة عثمان أن يقضي على هذا الاختلاف، وأمر زيداً وثلاثة من علماء قريش أن يراجعوا مخطوط زيد (٦٥١) ثم كتبت نسخ منه وأرسلت إلى دمشق والكوفة والبصرة، وظل القرآن من هذا الوقت محفوظاً نقياً محوطاً بأعظم العناية والتبجيل.

ومن شأن الظروف التي أحاطت بالقرآن أن تعرضه للتكرار وعدم الانسجام، فكل فقرة بمفردها تؤدي إلى غرض واضح ٠ فهي إما أن تقرر عقيدة، أو تأمر بصلاة أو دعاء، أو تسن قانوناً، أو تشهر بعدو، أو توجه إلى عمل، أو تروي قصة، أو تدعو إلى قتال، أو تعلن نصراً، أو تصوغ عهداً، أو تطلب مالاً، أو تنظم شعيرة دينية، أو تنص


(١) لم تختلف نصوص القرآن مطلقاً ولكن حصل في قراءته بعض الاختلاف لأسباب منها الخلو من النقط والشكل المعتاد في كتابتنا في هذه الأيام. أما مسألة جمع القرآن فتحتاج إلى شيء من التفصيل الدقيق، ذلك بأن هذا الجمع قد حدث ثلاث مرات، أولاها ما سنذكره بعد في تعليقنا على قول المؤلف إن محمداً لم يكن يريد جمعه في كتاب واحد، والثانية كانت أيام أبي بكر الصديق بعد أن أشار عمر بن الخطاب، فكان أن قام زيد بن ثابت بتتبع القرآن وجمعه مما كان مكتوباً فيه حتى جمع كله في صحف حفظته كاملاً، ولا نعرف أنه كُتب منه عدة نسخ كما يقول المؤلف، والثالثة كانت في أيام عثمان بن عفان وفيها رتبت سوره بعضها في إثر بعض على حسب ما عرفوه من قبل الرسول. وفي هذه المرة التي كانت في أيام عثمان كان الذين قاموا بجمعه وترتيب سوره أربعة: زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام. وقد قال الخليفة لهؤلاء القريشيين الثلاثة: "إذ اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنه إنما نزل بلسانهم". راجع الإتقان في علوم القرآن للإمام جلال الدين السيوطي، المطبعة الأزهرية سنة ١٣١٨ هـ‍ ج‍ ص ٦١. (ي)