للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يطاردني المطارد طوال النهار؛

ولا يترك لي بالليل لحظة أتنفس فيها …

لقد تفككت أطرافي، فلم تعد تمشي مؤتلفة،

وأقضى الليل بين أقذاري كما يقضيه الثور؛

وأختلط ببرازي كما يختلط الضأن.

ثم يعود فيجهر بإيمانه كما فعل أيوب فيقول:

ولكن أرى اليوم الذي تجف فيه دموعي،

اليوم الذي يدركني فيه لطف الأرواح الواقية،

ويومئذ تكون الآلهة رحيمة بي.

ثم تنقلب الأحوال كلها سعادة وهناءة، فيظهر أحد الأرواح الطيبة، ويشفى تابي من جميع أمراضه؛ وتهب عاصفة هوجاء فتطرد شياطين المرض كلها من جسمه. ويسبح بحمد مردك، ويقرب له القرابين النفيسة، ويهيب بالناس جميعاً ألا يقنطوا من رحمة الآلهة (١).

وليس بين هذا وبين ما ورد في سفر أيوب إلا خطورة واحدة؛ كذلك نرى في الآداب البابلية أمثلة سابقة لا يمكن الخطأ فيها مما ورد في سِفر الجامعة من الكتاب المقدس. من ذلك ما ورد في ملحمة جلجميش من نصح الإله سبيتو لهذا البطل بأن يكف عن شوقه إلى الحياة بعد الموت، وأن يأكل ويشرب ويستمتع على ظهر الأرض:

أي جلجميش، لم هذا الجري في جميع الجهات؟

إن الحياة التي تسعى لها لن تجدها أبداً.

إن الآلهة حين خلقت بني الإنسان قدّرت الموت على بني الإنسان؛


(١) وأكبر الظن أن هذه الأقوال، التي نجد سوابق مثلها في الأدب السومري، كان لها أثر في واضع سفر أيوب.