للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى طغرل بك يدعوه لمعونته. ولبى طغرل الدعوة فأقبل في عام ١٠٥٥، وفر بنو بويه من بغداد. وتزوج القائم بابنة أخي طغرل وخلع عليه لقب "ملك الشرق والغرب" (١٠٨٥). وأخذت الأسر الصغيرة في غربي آسية الإسلامي تسقط أسرة بعد أسرة أمام السلاجقة وتعترف بسيادة بغداد عليها. ولقب الحكام السلاجقة أنفسهم بلقب سلطان ولم يتركوا للخليفة إلا الزعامة الدينية، ولكنهم بعثوا في الأداة الحكومية حيوية جديدة وكفاية لم تكن لها قبل مجيئهم، كما بعثوا في الإسلام قوة جديدة من الإيمان الصادق السليم. ولم يفعل السلاجقة ببلاد الإسلام ما فعله المغول بعد مائتي عام من ذلك الوقت، فهم لم يخربوا البلاد التي فتحوها، ولم يمضِ عليهم إلا قليل من الوقت حتى أشربوا روح الحضارة التي أقبلوا عليها، وألفوا من الأشلاء المتناثرة للدولة المحتضرة إمبراطورية جديدة، وبعثوا فيها من القوة ما استطاعت به أن تصمد لذلك النزاع الطويل بين المسيحية والإسلام، الذي نطلق عليه اسم الحروب الصليبية، وتخرج منه ظافرة منتصرة.