وكان هؤلاء كلهم جادين عاملين في بلاد الإسلام. فكان الرجال يربون الماشية والخيل، والإبل، والمعز، والفيلة، والكلاب؛ ويسطون على عسل النحل، ولبن الإبل، والمعز، والبقر، وينتجون مائة نوع من الحبوب، والخضر والفاكهة، والنقل، والأزهار. لقد جاء العرب إلى بلادهم بشجرة البرتقال من الهند في وقت ما خلال القرن العاشر الميلادي، وأدخلوا في بلاد الشام، وآسية الصغرى، وفلسطين، ومصر، وأسبانيا ثم انتقلت من هذه البلاد إلى جميع أنحاء أوروبا الجنوبية (١). كذلك نقل العرب زراعة قصب السكر، وصناعة السكر نفسه وتكريره من الهند ونشروهما في جميع أنحاء الشرق الأدنى، ومن تلك البلاد نقلها الصليبيون إلى أوطانهم (٢)؛ وكان العرب أول من زرع القطن في أوروبا (٣)، وقد استطاعوا إنتاج هذه المحاصيل من أرضين معظمها جدب قاحل بفضل وسائل الري النظم؛ ولم يجر الخلفاء في الميدان على سنتهم المألوفة من ترك الشؤون الاقتصادية للمشروعات الحرة، بل كانت الحكومة تشرف على قنوات الري الرئيسية وتتعهدها بالصيانة والتطهير، فأوصلت ماء الفرات إلى أرض الجزيرة، وماء دجلة إلى أرض فارس، وشقت قناة كبيرة بين النهرين التوأمين عند بغداد. وكان خلفاء الدولة العباسية الأولون يشجعون الأعمال الخاصة بتجفيف المستنقعات وتعمير القرى المخربة والضياع التي هجرها سكانها. وكان الإقليم المحصورة بين بخارى وسمرقند يعد في أثناء القرن العاشر "إحدى الجنات الأرضية الأربع"-وكانت الثلاث الأخرى هي جنوبي فارس، وجنوبي العراق، والإقليم المحيط بدمشق في بلاد الشام.
وكان الذهب والفضة، والحديد، والرصاص، والزئبق، والإثمد، والكبريت، وحجر الفتيلة (الأسبستوس)، والرخام، والحجارة الكريمة تستخرج كلها من باطن الأرض وكان الغواصون يستخرجون اللؤلؤ من الخليج الفارسي، واستخدم