حتى دق أبواب بغداد نفسها. وتعطلت التجارة، وقل الطعام في العاصمة. وفي عام ٨٧١ استولى المهلبي قائد الزنوج على البصرة، وذبح ثلاثمائة ألف من أهلها وسبى الجنود الزنوج آلافاً من النساء واسترقوا آلافاً من الأطفال البيض بعضهم من بني هاشم أنفسهم-إذا صدقنا أقوال المؤرخين. وظلت نار الثورة مشتعلة عشر سنين، سيرت في خلالها عدة جيوش لتقليم أظافرها وعرض على من يفرون من صفوف الثوار المال والعفو، فخرج على علي كثيرون من رجاله، وانضموا إلى جيوش الحكومة. ثم حوصر من بقي منهم، وضُيقَ عليهم الخناق، وسُلط عليهم الرصاص المصهور و "النار اليونانية" وهي مشاعل من النفط الملتهب، وانتهى الأمر بأن دخل جيش يقوده الوزير الموفق إلى مدينة الثوار، وتغلب على ما لقيه من المقاومة، وقُتل علياً وحُمل رأسه إلى الوزير المنتصر. وسجد الموفق وضباطه شكراً لله على رحمته (٨٨٣)(٢٠). ودامت هذه الثورة أربعة عشر عاماً حاق فيها الخطر بجميع المقومات الاقتصادية والسياسية في البلاد الشرقية الإسلامية. وانتهز أحمد بن طولون والي مصر هذا الاضطراب فاستقل بأغنى ولايات الخلافة الإسلامية.