ليعيد شيوعية مزدك. واجتمعت له حوله عدة طوائف، وهزم كثيراً من الجيوش التي أرسلت للقبض عليه، وظل ثلاثة عشر عاماً حاكماً على بلاد فارس، ثم قُبض عليه أخيراً (٧٨٦) وأعدم. وأثار بابك الخزاني الفتنة نفسها في عام ٨٣٨ وجمع حوله طائفة سميت المحمرة، واستولى بها على آزربيجان، وظلت قبضته اثنتين وعشرين سنة، وهزم عدة جيوش، وقتل (على يد قول الطبري) ٢٢٥. ٥٠٠ جندي وأسر قبل أن يهزم. وأمر الخليفة نفسه جلاد بابك نفسه أن يقطع أطرافه طرفاً طرفاً، ثم خزق أمام قصر الخليفة، وحملوا رأسه إلى خراسان وطافوا به في مدنها (١٩)، ليذكر كل من يراه أن الناس كلهم يولدون غير أحرار وغير أكفاء.
وكانت أهم "حروب الأرقاء" في الشرق هي التي أثار عجاجها رجل عربي اسمه علي (١) ادعى أنه من نسل علي بن أبي طالب زوج فاطمة بنت النبي. وتفصيل ذلك أن عددا ُ كبيراً من الزنوج كانوا يعملون في كسح السباخ بالقرب من البصرة، فأخذ علي هذا يذكر لهم سوء ما يلقون من المعاملة، ويحرضهم على أن يثوروا معه على ساداتهم، ويعدهم بالتحرر من الرق وبالثروة-وأن يكونوا هم مالكين للعبيد. وأثرت فيهم دعوته، فاستجابوا لها واستولوا على الزاد والعتاد، وهزموا الجيوش التي سيرت لقتالهم، وأنشأ لهم قرى مستقلة فيها قصور لزعمائهم، وسجون لأسرهم، ومساجد لصلواتهم (٨٦٩). وعرض أصحاب العمل أن يؤدوا لعلي خمسة دنانير عن كل شخص من الثوار يعود إلى عمله إذا أقنعهم بهذه العودة، فأبى. وحاولت البلاد المحيطة بهم أن تخضعهم بمنع الطعام عنهم، ولكنهم حين نفدت مؤنهم هاجموا بلدة الأبلّة، وحرروا من فيها من الأرقاء وضموهم إلى صفوفهم ثم نهبوها وأشعلوا فيها النار (٨٧٠). وتشجع علي بهذا النصر فهاجم عدة بلاد أخرى واستولى على الكثير منها، وسيطر على جنوبي إيران والعراق