أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
ألا ما أقوى هذه الدعوة، وما أشرفها من دعوة للقيام من النوم قبل مطلع الشمس، وما احسن أن يقف الإنسان عن العمل وقت الظهيرة، وما أعظم وأجل أن يتوجه الإنسان بروحه إلى الله جل جلاله في سكون الليل، وما أحلى وقع صوت المؤذن على الآذان، آذان المسلمين وغير المسلمين، وهم يدعون النفوس الحبيسة في الأجسام الأرضية من فوق آلاف المساجد أن تتوجه إلى واهب الحياة والعقل، وتتصل به ذلك الاتصال الروحي الجليل. ففي هذه الأوقات الخمسة يجب على كل مسلم في جميع بقاع الأرض أن يقف كل عمل أياً كان، ويتطهر، ويولي وجهه نحو مكة والكعبة ويقيم الصلوات القصيرة، بنفس الصورة التي يؤديها بها غيره من المسلمين، كلما انتقلت الشمس من مرحلة إلى مرحلة في حركتها الظاهرة حول الأرض.
فمن أمكنه وقته، وشاءت إرادته، ذهب إلى المسجد يؤدي الصلاة، والمساجد تظل في العادة مفتوحة الأبواب طوال النهار، يؤمها كل مسلم صالح أو زنديق ليتوضأ أو يصلي أو يستريح. وهناك تحت سقفها الظليلة كان المدرسون يعلمون التلاميذ، والقضاة يفصلون في الخصومات، والخلفاء يعلنون سياستهم أو أوامرهم، وكان الناس يجتمعون فيها ليتحدثوا في كل ما يعينهم، ويستمعوا إلى الأخبار ويفاوضوا في الأعمال التجارية والمالية في بعض الأحيان. ذلك أن المسجد كان كالبيعة عند اليهود، والكنيسة عند المسيحيين، مركز الحياة اليومية، والبيت العام للمجتمع كله. وفي يوم الجمعة قبل أن ينتصف النهار بنصف ساعة أو نحوها يقوم المؤذن ويصلي على النبي ويدعو لأسرته وإلى الصحابة، ويدعو