خراج مصر في تشييد عدة صروح تعرف عند المسلمين باسم الحرم الشريف، وشيد في الطرف الجنوبي من المدينة (٦٩١ - ٦٩٤) المسجد الأقصى. وقد دمر زلزال هذا المسجد في عام ٧٤٦، ثم أعيد بناؤه في عام ٧٨٥، وأدخلت عليه فيما بعد تعديلات كثيرة، ولكن القبلة لا تزال كما كانت في أيام عبد الملك، كما أن معظم العمد مأخوذ باسلقا جستنيان التي كانت قائمة في أورشليم. ويرى المقدسي أن بيت المقدس أجمل من المسجد الأموي العظيم المقام في دمشق، ويقول المسلمون إن النبي (صلى الله عليه وسلم) قد التقى فيهِ بإبراهيم، وموسى، وعيسى، وأنه صلى فيه معهم، وانه رأى بالقرب منه الصخرة (التي يعتقد بنو إسرائيل أنها سرة الدنيا) والتي أراد إبراهيم أن يضحي عندها بإسحق (١)، والتي تلقى عندها موسى تابوت العهد، والتي شاد عندها سليمان وهيرود هيكلهما. ويعتقد بعض المسلمون أن النبي صعد عندها إلى السماء، وأن الإنسان لو أوتي إيماناً قوياً لأبصر في الصخرة أثار قدميه. ولما أن استولى عبد الله بن الزبير على مكة في عام ٦٨٤ وعلى ما يدخل فيها من إيراد الحج أراد عبد الملك أن يجتذب إلى الشام أموال الحج، وأن يحج الناس إلى الصخرة بدل أن يحجوا إلى الكعبة، فأقام صناعه على هذا الحجر التاريخي (٦٩١)"قبة الصخرة" الشهيرة على الطراز البيزنطي-السوري، وسرعان ما أضحت هذه القبة "رابعة عجائب العالم الإسلامي"(والثلاث الأخرى هي مساجد مكة والمدينة ودمشق). ولم يكن هذا البناء في أول امره مسجداً، بل كان حرماً مقدساً حول الصخرة؛ وقد أخطأ الصليبيون مرتين حين أطلقوا عليه اسم "مسجد عمر". ويبلغ ارتفاع القبة ١١٢ قدماً، وهي قائمة على بناء ذي ثمانية أضلاع مشيد من الحجارة المربعة. ويبلغ محيط هذا البناء ٥٢٨ قدماً. والقبة نفسها مصنوعة من الخشب ومغطاة من الخارج بالنحاس
(١) الذي يعتقده المسلمون أن الذبيح هو إسماعيل لا إسحق. (المترجم)