مصنع للورق في بلاد الإسلام في بغداد عام ٧٩٤ على يد الفضل بن يحيى وزير هارون الرشيد. ونقل العرب هذه الصناعة إلى صقلية وأسبانيا ومنهما انتقلت إلى إيطاليا وفرنسا. وقبل هذا نجد الورق مستخدماً في بلاد الصين منذ عام ١٠٥ م، ثم نجده في مكة سنة ٧٠٧، وفي مصر سنة ٨٠٠، وفي أسبانيا سنة ٩٥٠، وفي القسطنطينية سنة ١١٠٠، وفي صقلية سنة ١١٠٢، وفي إيطاليا سنة ١١٥٤، وفي ألمانيا سنة ١٢٢٨، وفي إنجلترا سنة ١٣٠٩ (٧). ويسّرَ هذا الاختراع تأليف الكتب في كل بلد انتقل إليه، ويقول اليعقوبي إنه كان في بغداد على أيامه (٨٩١) أكثر من مائة بائع للكتب، كانت حوانيتهم تستخدم، فضلاً عن بيع الكتب، لنسخها، وكتابة الخط المزخرف، كما كانت ندوات أدبية. وكان كثير من الطلاب يحصلون على أرزاقهم بنسخ المخطوطات، وبيعها لتجار الكتب، ونسمع في القرن العاشر الميلادي عن أناس يجمعون توقيعات العظماء وخطوطهم، وعن غواة للكتب يسعون لجمعها ويعرضون أثماناً عالية للمخطوطات النادرة (٨). ولم يكن المؤلفون يحصلون على شيء من كتبهم؛ وكانوا يعتمدون في معاشهم على وسائل للرزق أثبت من هذه وأقوى أساساً، أو على هبات الأمراء أو الأثرياء. ذلك أن الأدب والفن كان يُقصد بهما إشباع ذوق طبقة الأشراف من ذوي المال أو الحسب والنسب.
وكانت في معظم المساجد مكتبات، كما كان في معظم المدن دور عامة للكتب تضم عدداً كبيراً منها، وكانت مفتحة الأبواب لطلاب العلم. وكان في مدينة الموصل عام ٩٥٠ مكتبة عامة أنشأها بعض المحسنين، يجد فيها من يؤمونها حاجتهم من الكتب والورق، وبلغت فهارس الكتب التي اشتملت عليها مكتبة الري العامة عشر مجلدات. وكانت مكتبة البصرة تعطي رواتب وإعانات لمن يشتغلون فيها من الطلاب، وقضى ياقوت الجغرافي في مكتبتي مرو وخوارزم ثلاث سنين يجمع المعلومات التي يتطلبها كتابة معجم البلدان. ولما أن