في حساب المثلثات النسب بالصورة التي نستخدمها الآن في جوهرها.
واستخدم المأمون جماعة من الفلكيين ليرصدوا الأجرام السماوية ويسجلوا نتيجة هذه الأرصاد، وليحققوا كشوف بطليموس الفلكي، ويدرسوا كلف الشمس. واتخذوا كرية الأرض أساساً بدءوا منه بقياس الدرجة الأرضية بأن رصدوا موضع الشمس من تدمر وسنجار في وقت واحد. وتوصلوا من هذا الرصد إلى تقدير الدرجة بستة وخمسين ميلاً وثلثي ميل-وهو تقدير يزيد بنصف ميل على تقديرنا في الوقت الحاضر ومن هذه النتائج قدروا محيط الأرض بما يقرب من عشرين ألف ميل. ولم يكن هؤلاء الفلكيون يقبلون شيئاً إلا بعد أن تثبته الخبرة والتجارب العلمية، وكانوا يسيرون في بحوثهم على قواعد علمية خالصة، وكتب أحدهم -الفرغاني من أهل فرغانة وهي ولاية وراء جيحون (حوالي عام ٨٦٠) -كتاباً في الفلك ظل مرجعاً تعتمد عليه أوربا وغربي آسية سبعمائة عام. وأوسع منه شهرة البتاني الذي ظل واحداً وأربعين عاماً يقوم بأرصاد فلكية اشتهرت بدقتها واتساع مداها. وقد وصل بهذه الأرصاد إلى كثير من "المعاملات" الفلكية تمتاز بقربها العجيب من تقديرات هذه الأيام-منها تقديره زيوح الاعتدالين (١) بـ ٥٤. ٥ ً في العام، وميل مستوى الفلك بـ ٥٥ َ ٢٣ ْ (٢٣). منهم أبو الوفا الذي كان يعمل تحت رعاية سلاطين بني بويه الأولين حكام بغداد والذي كشف (كما يقول سادلو Sadilot وإن كان قوله لا يزال مثاراً للجدل) الانحراف الثالث للقمر قبل أن يكشفه تيخو براهي Tycho Brahe بستمائة عام (٢٤). وقد أقيمت للفلكيين المسلمين آلات غالية الثمن لم تقتصر على الإسطرلاب، والكرات ذوات الحلق التي كانت معروفة لليونان الأقدمين، بل كانت تشمل كذلك آلات لقياس الزوايا يبلغ نصف قطرها ثلاثين قدماً، وآلات سدس نصف قطرها ثمانون قدماً. وقد أدخل المسلمون. على الإسطرلاب تحسينات كثيرة،