يطيل حياته. وكان أشهر الكيميائيين المسلمين جابر بن حيان (٧٠٢ - ٧٦٥) المعروف عند الأوربيين باسم جيبير Gebir. وكان جابر ابن حيان كوفي، اشتغل بالطب، ولكنه كان يقضي معظم وقته مع الأنابيق والبوادق. ويعزو إليه المؤرخون مائة من المؤلفات أو أكثر من مائة، ولكنها في الواقع من عمل مؤلفين مجهولين عاش معظمهم في القرن العاشر. وقد ترجم كثير من هذه المؤلفات التي لا يعرف أصحابها إلى اللغة اللاتينية. وكان لها الفضل في تقدم علم الكيمياء في أوروبا. وحل السحر بعد القرن العاشر محل الكيمياء كما حل محل غيرها من العلوم، وقضى ذلك العلم بعدئذ ثلاثمائة عام لا يرفع فيها رأسه.
وليس لدينا إلا القليل من بقايا علم الأحياء عند المسلمين في ذلك العصر. ومن هذه الآثار كتاب النبات لأبي حنيفة الدينوري الذي رجع فيه إلى مؤلفات ديوسقوريدس ولكنه أضاف فيه إلى علم الصيدلة عقاقير أخرى كثيرة. وقد عرف علماء الحياء المسلمون طريقة إنتاج فواكه جديدة بطريق التطعيم، وجمعوا بين شجرة الورد وشجرة اللوز، وأوجدوا بذلك التطعيم أزهاراً نادرة جميلة المنظر (٣٧). وشرح عثمان بن عمر الجاحظ (المتوفى سنة ٨٦٩) نظرية في التطور شبيه بنظرية المسعودي فقال إن الحياة قد ارتفعت من الجماد إلى النبات، ومن النبات إلى الحيوان، ثم من الحيوان إلى الإنسان (٣٨). واعتنق الشاعر الصوفي جلال الدين هذه النظرية، ولم يضف إليها إلا قولهِ إنه إذا كان هذا مستطاعاً في الماضي، فإن الناس في المرحلة الثانية سيصبحون ملائكة ثم يرقون إلى مرتبة الإله (٣٩).