واحفظ منيك ما استطعت فإنه ماء الحياة يراق في الأرحام
وأثرت حياة الكدح في صحتهِ فمات في السابعة والخمسين من عمرهِ وهو مسافر إلى همذان، حيث لا يزال قبره موضعاً للإجلال والتكريم.
ولقد وجد ابن سينا في صروف حياته، في مناصبهِ أو في سجنهِ، متسعاً من الوقت لتأليف مائة كتاب بالفارسية أو العربية تحدث فيها عن كل فرع تقريباً من فروع العلم والفلسفة. هذا إلى أنه له قصائد من الشعر الجيد وصلت إلينا منها خمس عشرة قصيدة انزلقت واحدة منها إلى رباعيات عمر الخيام، ومنها قصيدته العينية في النفس وهبوطها إلى الجسم من عالم علوي ومطلعها:
هبطت عليك من المحل الأرفع ورقاء ذات تعزز وتمنع%=@ومنها:
محجوبة عن كل مقلة عارفٍ وهي التي سفرت ولم تتبرقع
وصلت علىكرهٍ إليكَ وربما كرهت فراقكَ وهي ذات تفجع@
ولا يزال الطلاب في بلاد الشرق الإسلامي حتى اليوم يحفظونها عن ظهر قلب. وقد ترجم كتاب إقليدس في الهندسة ووضع عدة أزياج فلكية، وابتكر آلة شبيهة بالورنية المعروفة عندنا اليوم. وله دراسات مبتكرة في الحركة، والطاقة، والفراغ، والضوء، والحرارة، والكثافة النوعية. وله رسالة في المعادن بقيت حتى القرن الثالث عشر أهم مصادر علم طبقات الأرض عند الأوربيين. وقد كتب فيها عن تكوين الجبال كتابة تعد أنموذجاً للوضوح في العلم. فقد قال إن الجبال قد تنشأ من سببين مختلفين: فقد تكون نتيجة اضطرابات في القشرة الأرضية كما يحدث في أثناء الزلازل العنيفة، وقد تكون نتيجة لفعل المياه التي تشق لنفسها طريقاً جديداً بنحت الأودية. ذلك أن طبقات الأرض مختلفة في أنواعها؛ فمنها الهش ومنها تشق الصلب، والرياح والمياه تفتتان النوع الأول