للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدرسين؛ وإنا لندهش من كثرة ما نجده من آراء ابن سينا في فلسفة ألبرتس مجنس، وتومس أكوناس، ويسميه روجر بيكن: "أكبر عميد للفلسفة بعد سطو" (٧٥). ولم يكن أكوناس وهو يتحدث عنه بنفس الاحترام الذي يتحدث به عن أفلاطون مجاملاً قط كمألوف عادته حين يتحدث عن عظماء الرجال (١).

وكاد أجل الفلسفة العربية في الشرق أن ينقضي بموت ابن سينا، ذلك أن نزعة السلاجقة السنية القوية، وارتياع رجال الدين من الآراء الفلسفية الجريئة، وانتصار نزعة الغزالي الصوفية، لم تلبث كلها أن قضت على كل تفكير. وإن مما يؤسف له أ، يكون علمنا بتلك القرون الثلاثة (٧٥٠ - ١٠٥٠) التي ازدهر فيها التفكير الإسلامي ناقصاً كل النقص. ويرجع سبب ذلك إلى أن آلافاً من المخطوطات العربية في العلوم، والآداب، والفلسفة لا تزال مخبوءة في مكتبات العالم الإسلامي. ففي اسطنبول وحدها ثلاثون من مكتبات المساجد، لم يرَ الضوء من مخطوطاتها إلا النزر اليسير، وفي القاهرة، ودمشق، والموصل، وبغداد ودلهي، مجموعات ضخمة، لم يعنَ أحد حتى بوضع فهارس لها (٢)، وفي الأسكوريال بالقرب من مدريد مكتبة ضخمة لم يفرغ بعد من إحصاء ما فيها من


(١) احتفل في عام ١٩٥٢ بالعيد الألفي لابن سينا حسب التاريخ الهجري وأقيم له قبر رائع في همذان ونشرت مصر بهذه المناسبة بعض مؤلفاته. (المترجم)
(٢) مما نسجله بمزيد الحمد للإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية أنها عنيت عناية كبيرة بالبحث عن هذه المخطوطات في مكتبات العالم الإسلامي، فأرسلت الوفود العلمية لتصوير ما يوجد منها في تلك المكتبات، وهي جادة في هذا العمل الجليل. لكننا نرجو أن تقوم وزارات المعارف في الدول الإسلامية بنصيبها فيه؛ فإنه في اعتقادنا أوسع من أن تضطلع به الإدارة وحدها. (المترجم)