الإطار المحتوي على سلسلة من القصص معروفاً من قديم الزمن في بلاد الهند، وكان عدد كبير من هذه القصص متداولاً في العالم الشرقي، ولربما كانت كل مجموعة منها تختلف في محتوياتها عن غيرها من المجموعات، ولسنا واثقين أن أية قصة في المجموعة المعروفة لنا الآن كانت من القصص التي تحتويها المجموعة التي يحدثنا عنها المسعودي. وحدث بعد سنين قلائل من عام ١٧٠٠ أن أرسل مخطوط غير كامل، لا يمكن تتبع تاريخه إلى ما قبل عام ١٥٣٦، من بلاد الشام إلى المستشرق الفرنسي أنطوان جالان Antoine Galland، وافتتن هذا المستشرق بخيال القصص الغريب، وبما فيها من وصف لحياة المسلمين الداخلية، ولعله افتتن أيضاً بما فيها من بذاءة، فأصدر في باريس عام ١٧٠٤ أولى تراجمها إلى اللغات الأوربية Les mille et une nuits. ونجح الكتاب نجاحاً فوق ما كان يتوقع له، وترجم إلى جميع اللغات الأوربية، وشرع أطفال جميع الأمم يتحدثون عن السندباد البحري، وعن مصباح علاء الدين، وعن علي بابا واللصوص الأربعين. وخرافات بيدبا، وقصص ألف ليلة أكثر ما يقرأه الناس من الكتب في العالم كله إذا استثنينا الكتاب المقدس (وهو أيضاً كتاب شرقي)(١).
والنثر الأدبي في الكتب الإسلامية صورة من الشعر. ذلك أن المزاج العربي ينزع إلى الشعور القوي، والآداب الفارسية تميل إلى الكلام المزخرف، واللغة العربية التي كانت في الوقت الذي نتحدث عنه يتكلم بها أهل البلدين تدعو إلى جعل النثر مقفى لتشابه أواخر الألفاظ طوعاً لقواعد الصرف؛ ولهذا فإن النثر الأدبي كثيراً ما يكون مسجوعاً؛ وكان الوعاظ، والخطباء، والقصاصون، يلجأون إلى النثر المسجع، وبهذا كتب بديع الزمان الهمذاني (المتوفى عام ١٠٠٨) مقاماته-وهي قصص كان يرويها لجماعات مختلفة عن وغد
(١) والقرآن بطبيعة الحال هو الذي يقرؤه كله أو بعضه مسلمو العالم أجمعون. (المترجم)