تستطيع الشيوعية أن تعيش في سهولة أكثر في مجتمعات دائمة الانتقال، لا يزول عنها الخطر والعوز؛ فالصائدون والرعاة ليس بهم حاجة إلى مِلك يحتفظون به، لكن لمّا أصبحت الزراعة صورة الحياة المستقرة، لم يلبث الناس أن تبينوا أن العناية بالأرض تبلغ أقصاها من حيث غزارة الثمر إذا ما عاد جزاء تلك العناية إلى الأسرة التي قامت بها؛ فنتج عن ذلك بحكم الانتخاب الطبيعي الكائن بين النظم الاجتماعية والأفكار، كما هو كائن بين الأفراد والجماعات ينتج أن الانتقال من الصيد إلى الزراعة استتبع تحولا من الملكية القبلية إلى ملكية الأسرة وبذلك أصبحت أكثر الوحدات الاجتماعية اقتصادا في نفقات الإنتاج، هي كذلك وحدة الملكية؛ فلما أن أخذت الأسرة شيئاً فشيئاً تتخذ الصورة الأبوية التي تركز السلطة كلها في أكبر الذكور سنا، أخذت الملكية كذلك يزداد تركزها شيئاً فشيئاً في أيدي أفراد، ثم نشأ التوريث لشخص معين عن شخص معين؛ ولما كان كثيراً ما يحدث لفرد مغامر أن يغادر مرفأ الأسرة الآمن، ليضرب بمغامراته خارج الحدود التي وقف عندها ذووه، ثم ينتهي به العمل المتصل الشاق أن يستولي على قطعة أرض من الغابة أو الحَرج أو المستنقع؛ فإنه يحرص عليها حرصاً شديداً لا يسمح لغيره بانتزاعها لأنها ملكه الخاص، حتى لتضطر الجماعة في النهاية أن تعترف بحقه فيها، وبهذا نشأ ضرب آخر من ضروب الملكية الفردية (٤٣ أ) ومثل هذا الاستيلاء على الأراضي أخذ يزداد اتساعاً حين ازداد السكان واستُنفِذَت قوة الأرض القديمة، حتى وصل الأمر في المجتمعات