للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمرَّين من جراء اضطهاد بيزنطية؛ ولهذا رحب بقدوم المسلمين، وأعانوهم على استيلاء منفيس، وأرشدوهم إلى الإسكندرية (١)، ولما سقطت تلك المدينة في يد عمر وبعد حصار دام ثلاثة عشر شهراً (٦٤١) كتب إلى الخليفة عمر ابن الخطاب يقول: "أما بعد، فإني فتحت مدينة لا أصف ما فيها، غير أني أصبت فيها أربعة آلاف قصر وأربعة آلاف حمام وأربعين ألف يهودي عليهم الجزية وأربعمائة ملهى للملوك" (٢).

وحال عمرو بين العرب وبين نهب المدينة وفضل أن يفرض عليها الجزية. ولم يكن في وسعهِ أن يدرك أسباب الخلافات الدينية بين المذاهب المسيحية المختلفة، ولذلك منع أعوانه اليعاقبة أن ينتقموا من خصومهم الملكانيين، وخالف ما جرت عليه عادة الفاتحين من أقدم الأزمنة فأعلن حرية العبادة لجميع أهل المدينة.

وبعد، فهل أحرق عمرو مكتبة الإسكندرية؟ لقد وردت هذه القصة أول ما وردت في كتاب عبد اللطيف (١١٦٢ - ١٢٣١)، أحد العلماء المسلمين (٢)؛ ثم أوردها بتفصيل أوفى بار هبريوس Bar Hebraeus (١٢٢٦ - ١٢٨٦) وهو مسيحي يهودي الأصل من شرقي بلاد الشام كتب باللغة العربية، باسم أبي الفرج، مختصراً لتاريخ العالم. وقد جاء في روايته لهذه القصة أن رجلاً من أهل الإسكندرية يسميه العرب حنا الأجرومي (واسمه عند الغربيين John Philoponus) طلب إلى عمرو أن يعطيه ما في المكتبة من مخطوطات؛


(١) ليست هذه الرواية من الروايات الموثوق بها، ويذكر الدكتور بطلر في كتابهِ فتح العرب لمصر مصدر هذه الرواية ويورد الأدلة التي تنقصها.
(٢) في الأصل الإنجليزي أربعمائة حمام ولكن حتى نقلاً عن ابن الحكم والدكتور بطلر يذكر أنها أربعة آلاف حمام، وقد تكون أربعمائة أقرب إلى العقل. (المترجم)