من الحجر، ولا يزال معظمه باقياً وإن لم تكن تقام فيه الصلاة الآن. وفي وسعنا أن نتصور ما كان عليه ن عظمة في العصور الوسطى بالنظر إلى نقوشه العربية الطراز، الرشيقة، المصنوعة من الجص، ومن الكتابات الكوفية الجميلة التي يزدان بها إفريزه. وقد كانت هذه المساجد، التي تبدو الآن معاقل أشبه بالقلاع-وما من شك في أنها صممت لتكون قلاعاً أيضاً-تزدان بكثير من روائع النحت، والكتابات، والفسيفساء، والمحاريب المطعمة، والقناديل التي أضحت الآن تحفاً نادرة في المتاحف. وكان بمسجد ابن طولون وحده ١٨. ٠٠٠ قنديل كثير منها من الزجاج المطلي بالميناء المختلف الألوان (١٦).
وكانت الفنون الصغرى شائعة في إفريقية الإسلامية، يمارسها المسلمون بما عرف عنهم من الصبر والدقة. فالقاشاني البراق يشاهد في جامع القيروان، وقد وصف ناصري خسرو (١٠٥٠) الخزف الذي كان يصنع في القاهرة بأنه رقيق بلغ من شفيفه أن اليد وضعت في خارجه تستطاع رؤيتها من داخلهِ (١٧). واحتفظ الزجاج المصري والسوري بكل ما كان له من جمال في العهود القديمة، وتحتفظ متاحف البندقية وفلورنس واللوفر بالآنية المصنوعة من البلور الصخري في عهد الفاطميين، وكان ناحتو الخشب يدخلون البهجة على النفوس بنقوشهم البديعة على أبواب المساجد، والمنابر، والمحاريب، والنوافذ الشبكية. وأخذ المسلمون المصريون عن رعاياهم الأقباط فن زخرفة الصناديق والنضد وغيرها من الأدوات بترصيعها أو تطعيمها بالعاج، أو الأبنوس، أو الأصداف. وكانت الجواهر كثيرة موفورة، وحسبنا أن نقول إنه لما أن نهب الجنود الأتراك المأجورون حجرات قصر المستنصر حملوا معهم آلاف المصنوعات الذهبية-كالمحابر، وقطع الشطرنج، والمزهريات، والطيور، والأشجار الاصطناعية المزينة بالأحجار الكريمة .... (١٨)، وكان من بين ما انتهبوه ستائر من الحرير المطرز بخيوط الذهب نقشت عليها صور أكابر الملوك وكتبت عليها سيرهم. كذلك تعلم المسلمون