من تونس وصقلية، تهاجم الثغور الإيطالية في القرن التاسع الميلادي. فاستولى المسلمون في عام ٨٤١ على باري القاعدة البيزنطة الكبرى في الجنوب الشرقي من إيطاليا؛ وفي العام التالي انقضوا انقضاضاً سريعاً على إيطاليا استجابة لدعوة وجهها إليهم لمبارد دوق بنفنتو Benevento ليساعدوه على سالرنو Saleno، ثم عادوا منها بعد أن أتلفوا الحقول وخربوا الأديرة. وفي عام ٨٦٤ نزل ألف ومئتان من المسلمين في أستيا Ostia، وواصلوا الزحف حتى أشرفوا على أسوار روما، ونهبوا ضواحي المدينة وكنيستي القديسين بطرس وبولس، ثم عادوا على مهل إلى سفنهم. ورأى البابا ليو Leo الرابع أن السلطة المدنية عاجزة عن تنظيم الدفاع عن إيطاليا، فأخذ هذه المهمة على عاتقهِ، وعقد حلفاً بين روما وبين أملفي Amalfi، ونابلي، وجيتا Gaeta ومد سلسلة في عرض نهر التيبز ليمنع العدو من اجتيازه. وبذل العرب في عام ٨٤٩ محاولة أخرى للاستيلاء على عاصمة المسيحية في الغرب؛ فقابلهم الأسطول الإيطالي المتحد بعد أن باركه البابا، وهزمهم، وقد صور رفائيل منظر الواقعة في قصر الفاتيكان، وفي عام ٨٦٦ جاء الإمبراطور لويس الثاني من ألمانيا، وصد العرب الذين كانوا يغيرون من جنوبي إيطاليا على شبه الجزيرة وأرجعهم إلى باري وتارنتو Taranto؛ وما وافى عام ٨٤٤ حتى أخرجوا من جميع شبه الجزيرة.
ولكن غاراتهم عليها لم تنقطع، وظلت إيطاليا الوسطى جيلاً من الزمان يغشاها جو من الخوف والفزع في كل يوم من أيام حياتها. ففي عام ٨٧٦ أغاروا على كمبانيا ونهبوها، وهددوا روما تهديداً اضطر البابا إلى أن يؤدي لهم جزية سنوية مقدارها ٢٥. ٠٠٠ منقوص (حوالي ٢٥. ٠٠٠ دولار أمريكي) حتى يكفوا عن الإغارة عليها (٢٣). وفي عام ٨٨٤ أحرقوا دير مونتي كاسينو العظيم ودمروه عن آخره. وشنوا غارات أخرى متقطعة نهبوا فيها وادي نهر الأنيو Anio. ودامت الحال على هذا المنوال حتى اجتمعت قوات البابا وإمبراطوري