وعامل الفاتحون أهل البلاد معاملة لينة طيبة، ولم يصادروا إلا أراضي الذين قاوموهم بالقوة، ولم يفرضوا على الأهلين من الضرائب أكثر مما كان يفرضها عليهم ملوك القوط الغربيين، وأطلقوا لهم من الحرية الدينية ما لم تتمتع به أسبانيا إلا في أوقات قليلة نادرة. ولما أن توطد مركز المسلمين في أسبانيا، عبروا جبال البرانس ودخلوا غالة يريدون أن يجعلوا أوربا ولاية تابعة لدمشق. والتقى بهم بين تور وبواتييه على بعد ألف ميل شمالي جبل طارق جيش متحد مؤلف من قوى يوديس E (des دوق أكتوين، وشارل دوق أستراليا Austrsia. ودارت المعركة سبعة أيام هزم المسلمون بعدها في واقعة من أهم الوقائع الحاسمة في التاريخ (٧٣٢)؛ وفيها قررت مصادفات الحرب مرة أخرى الدين الذي يتبعه الملايين التي لا يحصى عددها من بني الإنسان. ومن هذا الوقت أطلق على شال اسم شارل مارتلس Chsrles Martellus أي شارل المطرقة. وأعاد المسلمون الكرة في عام ٧٣٥ واستولوا على أرليس Arles، ثم فتحوا أفنيون Avignon في عام ٧٣٧ وخربوا وادي نهر الرون حتى ليون. وفي عام ٧٥٩ أخرجهم بيبين القصير Pepin the Short نهائياً من جنوب فرنسا؛ ولكم الأربعين عاماً التي تنقلوا خلالها في ذلك الإقليم كانت في أغلب الظن ذات أثر قوي فيما يتصف به أهل لانجويدك Languedoc من تسامح غير عادي بين الأديان المختلفة، ومن مرح كثير ومن حب لأغاني الغزل غير المباح.
ولم يكن خلفاء دمشق يقدرون أسبانيا حق قدرها، فلم تكن تعرف عندهم حتى عام ٧٥٦ إلى باسم "الأندلس"، وكان يحكمها والٍ يعين من القيروان. لكن شخصية روائية نزلت في أسبانيا عام ٧٥٥، وكان سلاحها الوحيد هو ما يجري في عروقها من الدم الملكي، وأراد الله أن تؤسس فيها أسرة لا تقل في مجدها وتراثها عن خلفاء بغداد. ذلك أنه لما أمر بنو العباس في عام ٧٥٠ أن يقتل جميع الأمراء الأمويين، لم ينجُ من هؤلاء الأمراء إلا عبد الرحمن أحد أحفاد