للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في السلاسل في الأقفاص ليستمتع العامة برؤيتهم، ثم إرسال من يبقى منهم حيا إلى قطع الجلاد (٤٣). وفي هذا يحدثنا أشور بانيبال بقوله: "لقد سلخت جلود كل من خرج علي من الزعماء، وغطيت بجلودهم العمود، وسمرت بعضهم من وسطهم في الجدران، وأعدمت بعضهم خزقا، وصففت بعضهم حول العمود على الخوازيق … أما الزعماء والضباط الذين ثاروا فقد قطعت أطرافهم" (٤٤).

ويفخر أشور بانيبال بأنه "حرق بالنار ثلاثة آلاف أسير، ولم يبق على واحد منهم حيا ليتخذه رهينة" (٤٥). ويقول نقش آخر من نقوشه "أما أولئك المحاربون الذين أذنبوا في حق أشور وائتمروا بالشر عليّ … فقد انتزعت ألسنتهم من أفواههم المعادية وأهلكتهم، ومن بقي منهم على قيد الحياة قدمتهم قرابين جنازية؛ وأطعمت بأشلائهم المقطعة الكلاب والخنازير والذئاب … وبهذه الأعمال أدخلت السرور على قلوب الآلهة العظام" (٤٦). وأمر ملك آخر من ملوكهم الصناع أن ينقشوا على الآجر هذه العبارات التي يرى أن من حقه على الخلَف أن يعجبوا بها: "إن عجلاتي الحربية تهلك الإنسان والحيوان … إن الآثار التي أشيدها قد أقيمت من الجثث الآدمية التي قطعت منها الرؤوس والأطراف، ولقد قطعت أيدي كل من أرتهم أحياء" (٤٧). وتصور النقوش التي كشفت في نينوى الرجال يخزقون أو يسلخون أو تقطع ألسنتهم؛ ويصور نقش منها ملكا من الملوك يفقأ أعين الأسرى برمح، ورؤوسهم مثبتة في أماكنها بحبل يخترق شفاههم (٤٨). ولا يسعنا ونحن نقرأ هذه الصحف إلا أن نحمد الله على مركزنا المتواضع.

ويبدو أن الدين لم يكن له أثر قط في تخفيف هذا العنف وهذه الوحشية. ذلك أن الدين لم يكن له من السلطان على الحكومة بقدر ما كان له في بابل، وإنه كان يكيف نفسه حسب حاجات الملوك وأذواقهم. وكان أشور إلههم القومي من آلهة الشمس، ذا روح حربية، لا يشفق على أعدائه. وكان عباده يعتقدون