هذا البناء الأصلي أجزاء أخرى في فترات مختلفة وأصلح ما تلف من على أيدي المسيحيين والمسلمين على السواء. ومن ذلك أن شارل الخامس أضاف إليه قصره البني على الطراز المربع طراز عهد النهضة، وهو بناء ناقص كئيب مهيب غير متناسق. وخط المهندس الذي لم يصل إلينا اسمه الفضاء الذي في داخل السور ليكون أولً حصناً لأربعين ألف رجل متبعاً في هذا مبدأ العمارة الحربية التي نمت وتطورت في بلاد الإسلام الشرقية (١٢). لكن ذوق القرنين التاليين الأكثر ميلاً إلى الترف حول هذا الحصن على مر الأيام إلى مجموعة كبيرة من الأبهاء والقصور، تكاد تمتا كلها بجمال الزخارف المكونة من الأزهار، وأوراق الأشجار، والأشكال الهندسية المحفورة أو المطبوعة في الجص أو الآجر أو الحجارة الملونة، والتي تبلغ من الجمال ورقة الذوق درجة منقطعة النظير. وأنشئت في بهو الآس بركة تنعكس على مياهها أغصان الأشجار وكلات الأبواب المزخرفة، ومن ورائها يقوم برج ذو أسوار حصينة كان المحاصرون يظنون أنهم واجدون فيه آخر ملجأ منيع. وفي داخل هذا البرج بهو السفراء، حيث كان يجلس أمراء غرناطة على رؤوسهم بينما كان المبعوثون الأجانب يعجبون بما حوته المملكة الصغيرة من فن وثراء، ولقد أطل شارل الخامس من شرفة لإحدى نوافذ هذا البهو فرأى الحدائق والغياض، والنهر يجري من تحتها، فقال بعد تفكير عميق:"ما أتعس حظ من خسر هذا كله! "(١٣) وفي الفناء الرئيسي للقصر المعروف ببهو الآساد أقيم اثنا عشر أسداً من الرخام رهيبة المنظر تحرس فسقتة من المرمر. وإن ما في البواكي المحيطة بهذا الفناء من عمد رشيقة رفيعة ذات تيجان في صورة أزهار، وتيجان ذات عمد صغيرة مدلاة، وكتابات كوفية، ونقوش عربية ذات ألوان أطفأ بريقها كر الغداة ومر العشي، كل هذا يجعل القصر أروع آية في الطراز الإسلامي الأندلسي. ولعل الأندلسيين المسلمين قد دفعهم ترفهم وتحمسهم إلى أن يتجاوزوا في فنهم حدود الرشاقة إلى