للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والطنافس ذات النسيج الرقيق البديع والرسوم الفتاة التي كانت موضع دهشة العالم وحسده. وقد شاهد ماركوبولو في آسية الصغرى حين زارها في عام ١٢٧٠ "أجمل الطنافس في العالم كله" (٢٠). ويقول جون سنجر سارجنت Jhon Singer Sargent إن السجادة العجمية "تساوي في قيمتها كل ما رسم من الصور حتى ذلك الوقت" (٢١)، مع أن الخبراء المختصين يحكمون بأن السجاجيد العجمية الحالية ليست إلا ناقصة من الفن الذي بزت فيه بلاد الفرس العالم له، ولم يبق من السجاجيد العجمية التي نسجت في عصر السلاجقة إلا قطع ممزقة، ولكن في وسعنا أن نتصور ما بلغه من إتقان وجمال منقطعي النظير مما نسج على منوالها بصورة مصغرة في العصر المغولي.

وكان التصوير في الإسلام من الفنون الكبرى في الرسو الدقيقة الصغيرة، كما كان طوال عهده من الفنون الصغرى في الرسم على الجدران؛ وفي الرسوم الملونة للكائنات الحية. وقد استخدم الخليفة الفاطمي الآمر (١١٠٤ - ١١٣٠) عدداً منم رجال الفن ليرسموا له في حجرته بالقاهرة صور شعراء ذلك الوقت (٢٢)، ويبدو من ذلك أن تحريم الصور المنقوشة لم يعد له من القوة ما كان له في سالف الأيام. وقد بلغ التصوير في عهد السلاجقة ذروته في بلاد التركستان حيث أضعف بُعد المسافة كراهية أهل السنة لهذا الفن، ومن اجل هذا نرى في المخطوطات التركية صوراً كثيرة لأبطال الأتراك. ولم تصل إلينا رسوم دقيقة صغيرة يمكن الجزم بأنها من عصر السلاجقة، ولكن بلوغ هذا الفن أوَجه في عصر المغول الذي تلا ذلك العصر في بلاد الشام الشرقية لا يكاد يترك مجالاً للشك في ازدهاره في ذلك العصر السابق. فقد كانت العقول الأوربية والأيدي للصناع تخرج مصاحف تزاد جمالاً فوق جمالها على مر الأيام لمساجد السلاجقة والأيوبيين والمماليك، ومحال عبادتهم؛ ولكبرائهم، ومدارسهم، وكانوا ينقشون على جلود المصاحف المصنوعة من الجلد أو المطلية بالك نقوشاً تبلغ في