دقتها بيوت العنكبوت، وكان الأغنياء ينفقون بعض مالهم في استئجار الفنانين لإخراج اجمل ما عرف من الكتب، وكانت طائفة كبيرة من الوراقين، والخطاطين، والمصورين، والمجلدين، تعمل في بعض الأحيان سبعة عشر عاماً كاملاً لإخراج مجلد واحد. ولم يكن بد من أن يكون الورق من أحسن الأنواع، ويقال إن فرش الرسم كانت تصنع من شعرات بيضاء من رقاب القطط التي لا تزيد عرها على سنتين، وكان المداد الأزرق يصنع من مسحوق حجر اللازورد الأزرق، وكان يساوي وزنه ذهباً؛ ولم يكن الذهب السائل يعد أثمن من أن ترسم به بعض الخطوط أو تكتب به بعض الحروف في رسم أو نص. وفي ذلك يقول أحد شعراء الفرس:"إن الخيال لا يمكن أن يتصور مقدار السرور الذي يتيحه للعقل منظر خط متقن الرسم"(٢٣).