للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالدواء من غير ثمن (١). وفي القاهرة بدأ السلطان قلاون في عام ١٢٨٥ تشييد بيمارستان المنصور أعظم مستشفيات العصور الوسطى على الإطلاق، فقد أقام في داخل فضاء واسع مسوّر مربع مباني أربعة يتوسطها فناء يزدان بالبواكي، وتلطف حرارته الفساقي والجداول. وكان يحتوي على أقسام منفصلة لمختلف الأمراض وأخرى للناقهين، ومعامل للتحليل، وصيدلية، وعيادات خارجية، ومطابخ، وحمامات، ومكتبة ومسجد للصلاة، وقاعة للمحاضرات، وأماكن للمصابين بالأمراض العقلية، زوت بمناظر تسر العي. وكان المرضى يعالجون فيه من غير أجر رجالاً كانوا أو نساء، أغنياء أو فقراء، أرقاء، أو أحراراً، وكان كل مريض يعطي عند خروجه منه بعد شفائه مبلغاً من المال حتى لا يضطر إلى العمل لسب قوته بعد خروجه منه مباشرة. وكان الذين ينتابهم الأرق يستمعون إلى موسيقى هادئة، وقصاصين محترفين، ويعطون في بعض الأحيان كتباً تاريخية للقراءة (٨٥). وكان في جميع المدن الإسلامية الكبيرة مصحات للمصابين بالأمراض العقلية.


(١) يقول ابن جبير في وصف هذا البيمارستان: "وهو على دجلة ويتفقده الأطباء كل يوم اثنين وخميس، ويطالعون أحوال المرضى به، ويرتبون لهم أخذ ما يحتاجون إليه، وبين أيديهم قوم يتناولون طبخ الأدوية والأغذية، وهو قصر كبير فيه المقاصير والبيوت وجميع مرافق المساكن الملوكية، والماء ويدخل أليه من دجلة". (المترجم)