كثيراً من العمليات لإزالة إظلام العدسة (سادَّة العين أو الكتركتا). وقد بلغ من ثقة الطبيب خليفة بن أبي المحاسن الحلبي (١٢٥٦) بحذقه في هذه العمليات أنه أجرى هذه الجراحة لرجل أعور (٨١). ووضع ابن البيطار في كتابه الجامع الطب النباتي. فقد وصف في هذا الكتاب ألفاً وأربعمائة من أنواع النبات والأغذية، والعقاقير، ثلاثمائة منها لم تكن معروفة من قبل، وحلل تركيبها الكيمائي، وخصائصها العلاجية، وأضاف إلى ذلك ملاحظات دقيقة عن طرق استخدامها في علاج الأمراض. ولكن أشهر أطباء المسلمين على بكرة أبيهم هو أبو مروان ابن زهر (١٠٩١ - ١١٦٢) الأشبيلي المعروف في عالم الطب الغربي أفنزور Avenzoar. وكان أبو مروان السادس من ستة أجيال من أطباء ذائعي الصيت متصلي النسب، كل منهم يحمل لواء الب في أيامه، وقد ألف تابه السمى كتاب التيسير إجابة لطلب صديقه ابن رش (أعظم فلاسفة زمانه) الذي كان يعده أعظم من أنجبه العالم من الأطباء منذ أيام جالينوس. وكان أهم ما برع فيه ابن زهر هو الوصف الإكينيكي؛ وقد ترك وراءه تحليلات صادقة للأورام الحيزرومية، والتهاب الثامور، ودرن الأمعاء، والشلل البلعومي (٨٢). وكان للترجمتين العبرية واللاتينية لكتاب التيسير أعظم الأثر في الطب الأوربي.
كذلك تزعم الإسلام العالم كله في إعداد المستشفيات الصالحة وإمدادها بحاجاتها. مثال ذلك أن البيمارستان الذي أنشأه نور الدين في دمشق عام ١١٦٠ ظل ثلاثة قرون يعالج المرضى من غير أجر ويمدهم بالدواء من غير ثمن؛ ويقول المؤرخون إن نيرانه ظلت مشتعلة لا تنطفئ ٢٦٧ سنة (٨٣). ولما وفد ابن جبير إلى بغداد في عام ١١٨٤ دهش أيما دهشة من بيمارستانها العظيم الذي كان يعلو كما تعلو القصور الملكية على شاطئ نهر جلة، والذي كان يطعم المرضى ويمدهم