في التاريخ الطبيعي، وحرم على رعاياه دراسة الفلسفة، وحثهم على أن يلقوا في النار جميع كتبها أينما وجدت .. وبادر العامة إلى تنفيذ هذه الأمور، وكان يسوءهم ويحز في نفوسهم هجوم الفلاسفة على إيمانهم الذي كان عند بعضهم أعز سلوى لهم في حياتهم المضنية النكدة. وفي هذا الوقت بالذات أعدم أبن حبيب لدراسته الفلسفة (١١٥)، وأعرض الإسلام بعد عام ١٢٠٠ عن كل تفكير نظري. ولما أن ضعفت القوة العباسية في العالم الإسلامي، أخذت تتجه اتجاهاً متزايداً نحو طلب المعونة من رجال الدين والفقهاء من أهل السنة. وأمدها هؤلاء بما تحتاجه من هذه القوة، نظير كبتها للتفكير الحر المستقل. ومع هذا له فإن هذه المعونة لم تكن كافية لإنقاذ الدولة المضمحلة. ففي أسبانيا كان المسيحيون يتقدمون من بلد إلى بلد، حتى لم يبقَ للمسلمين إلا غرناطة وحدها: وفي الشرق استولى الصليبيون على بيت المقدس، وفي عام ١٢٥٨ استولى المغول على بغداد ودمروها تدميراً.