للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العظيم-أولئك الأقوام بما فرضه عليهم من القوانين الصارمة حتى أنشأ منهم قوة عظيمة البأس، وقادهم البأس، وقادهم لفتح أواسط آسية الممتدة من نهر الفلجا إلى سور الصين العظيم. بينما كان جنكيز خان غائباً عن حاضرة ملكه في كركورم خرج عليه زعيم المغول، وعقد حلفاً مع الشاه علاء الدين محمد صاحب خوارزم المستقلة. وقمع جنكيز خان هذه الفتنة وعرض الصلح على الشاه فقبله، ولكن نائبه في أترار Otrar قتل بعد قليل من ذلك الوقت تاجرين من المغول فيما وراء نهر جيحون، وطلب جنكيز خان أن يسلم إليه الوالي لمحاكمته، فرفض محمد هذا الطلب، وقتل رئيس البعثة المغولية، ورد بقية أعضائها محلوق اللحى، فلم يكن من جنكيز خان إلا أن أعلن الحرب وبدأ بذلك هجوم المغول على بلاد الإسلام (١٢١٩).

وهزم جيش من المغول بقادة جوجي ابن الخان جيش محمد البالغ أربعمائة ألف جندي عند جند، وفر الشاه على أثر هذه الهزيمة إلى سمرقند وترك ١٦٠. ٠٠٠ من رجاله قتلى في ساحة الوغى. وتقدم جيش مغولى آخر بقيادة ابن ججتان ابن الخان نحو أترار واستولى عليها ونهبها، وسار جيش ثالث بقيادة الخان نفسه إلى بخارى وحرقها عن آخرها. وسبى آلافاً من نسائها، وذبح ثلاثين ألفاً من رجالها. واستسلمت له سمرقند وبلخ حين وصل إلى أبوابها ولكنهما لم تنجوا من النهب والمذاب العامة؛ وزار ابن بطوطة هذه المدن بعد مائة عام من ذلك الوقت وصفها بأن أكثره لا يزال خرائب ينعق فيها البوم. وزحف تولوي بن جنكيز خان بجيش يبلغ سبعين ألفاً اخترق به خراسان وخرب كل ما مر به من المدن. وكان المغول يضعون الأسرى في مقدمة جيوشهم ويخيرونهم بين قتال مواطنيهم-من أمامهم أو قتلهم من خلفهم. وفتحت مرو خيانة وأحرقت عن آخرها، ودمرت في اللهب مكتبتها التي كانت مفخرة الإسلام، وسمح لأهلها بأن يخرجوا من أبوابها يحملون معهم كنوزهم، ولكنهم لم يخرجوا على هذا النحو إلا ليقتلوا وينهبوا فرادى. ويؤكد لنا المؤرخون المسلمون أن هذه المذابح استمرت ثلاثة