عشر يوماً هلك فيها ١. ٣٠٠. ٠٠٠ نسمة (١١٧). وقاومت نيسابور الغزاة ببسالة زمناً طويلاً، فلما استسلمت آخر الأمر (١٢٢١) قتل كل من فيها من الرجال، والنساء، والأطفال، ما عدا أربعمائة من مهرة الصناع أرسلوا إلى منغوليا، وكومت رؤوس القتلى في كومة مروعة؛ وخربت كذلك مدينة الري الجميلة ومساجدها البالغ عددها ثلاثة آلاف، وما كان فيها من مصانع الفخار الذائعة الصيت، وقتل أهلها عن أخرهم كما يقول أحد المؤرخين المسلمين (١١٨). وجمع ابن الشاة محمد جيشاً جديداً من الأتراك وحارب به جيش جنكيز خان عند نهر السند ولكنه هزم وفر إلى دلهي. ولما خرجت هراة على واليها المغولي كان جزاؤها ذبح ستين ألفاً من أهلها. لقد كانت هذه الوحشية جزءاَ من علوم الحرب عند المغول، وكانوا يقصدون بها شل قوى أعدائهم بما يقذفونه من الرعب في قلوبهم، وإرهاب المغلوبين على أمرهم حتى لا يفكرون في الخروج عليهم. ونجحت هذه الخطة.
وعاد جنكيز خان بعدئذ إلى بلاد ليستمتع بأزواجه وخليلاته الخمسمائة، ومات في فراشه. وسير ابنه وخليفته أجتاي جيشاً من ٣٠٠. ٠٠٠ للقبض على جلال الدين، وكان قد جيش جيشاً جديداً في ديار بكر. وهزم جلال الدين وقتل، ولم يلق الغازون بعدئذ مقاومة فعاثوا في أذربيجان، وبلاد النهرين، والكرج، وأرمينية (١٢٣٤). وسمع المغول أن فتنة قامت في إيران بقيادة الحشاشين، فزحف هولاكو حفيد جنكيز خان بجيش مغولي اخترق به سمرقند، وبلخ ودمر حصن الحشاشين في ألموت وولى وجهه شطر بغداد.
وكان المستعصم بالله آخر الخلفاء العباسيين في المشرق من جلة العلماء، وكبار الخطاطين؛ وكان مثال الرقة ودماثة الأخلاق، شديد الاهتمام بأمور الدين، وبالكتب، والصدقات: وكل هذه أمور لا تتفق مع ذوق هولاكو. واتهم المغول الخليفة بأنه يتستر على العصاة، ويمنع ما وعد به من مساعدة على الحشاشين، وطلب إلى الخليفة جزاء له على فعلته أن يكون خاضعاً للخان الأعظم، وأن تجرد