من العلماء الأحبار والمشترعين-وافتتحت المعابد والمدارس ودب الأمل مرة أخرى في النفوس.
غير أن فوز المسيحية قد صحبته متاعب جديدة. ذلك أن قسطنطين كان قبل أن يعتنق المسيحية قد سوى من الوجهة القانونية بين الدين اليهودي وبين سائر الأديان التي يدين بها غيرهم من رعاياه. أما بعد اعتناقه المسيحية فقد اضطهد اليهود وفرض عليهم قيوداً ومطالب جديدة، وحرم على المسيحيين أن يتصلوا بهم (١). ونفى قسطنطين أحبارهم (٣٣٧) وجعل زواج اليهودي من مسيحية جريمة يعاقب مرتكبها بالإعدام (٢) وفرض جالوس Gallus أخو قسطنطين على اليهود من الضرائب الفادحة ما اضطر الكثيرين منهم إلى أن يبيعوا أبناءهم ليوفوا بمطالبه منهم. وثار اليهود مرة أخرى في عام ٣٣٢ وأخمدت ثورتهم ودكت صبورى دكاً، وخربت أجزاء من طبرية وغيرها من المدن، وقتل آلاف من اليهود، واستعبد آلاف آخرون. وبلغت حال اليهودي الفلسطيني وقتئذ (٣٥٩) درجة من الانحطاط، كما بلغ الاتصال بينهم وبين غيرهم من الجماعات اليهودية درجة من الصعوبة، اضطر معهما حاخامهم هلل الثاني أن ينزل عما كان ليهود فلسطين من الحق في أن يحددوا لجميع اليهود تواريخ أعيادهم، وأصدر لهم تقويما يحددون هم بمقتضاه تواريخ هذه الأعياد مستقلين عن يهود فلسطين، ولا يزال هذا التقويم الذي أصدره هلل معمولاً به إلى اليوم لدى اليهود في جميع أنحاء العالم.
فلما ارتقى يوليان عرش الإمبراطورية أنقذ اليهود إلى أجل قصير من هذا التعذيب. فقد خفض هذا الإمبراطور الضرائب المفروضة عليهم، وألغى القوانين التي تجعلهم أقل منزلة من غيرهم، وأطرى الصدقات العبرانية، واعترف بأن يهوه "إله عظيم". وسأل زعماء اليهود عن سبب امتناعهم عن الضحايا الحيوانية؛ فلما أجابوه بأن شريعتهم تحرم عليهم هذه التضحية إلا في هيكل أورشليم أمر أن