للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في عام ٣١٥ نصف سكان تلك البلاد (١٠). وكان اليهود يمتلكون نصف سفن الإسكندرية، وكان ثراؤهم في تلك المدينة السريعة التأثر والاهتياج مما زاد من حدة العداء الديني.

وانتشرت جاليات يهودية في جميع مدائن أفريقية الشمالية، وصقلية، وسردينية. وكان عددهم كبيراً في إيطاليا، وكان الأباطرة الوثنيون يحمونهم في العادة من الأذى، وإن كان الأهلون المسيحيون والإمبراطور ثيودريك، والبابوات يشددون عليهم النكير في بعض الأحيان. وكان في أسبانيا جاليات يهودية قبل يوليوس قيصر، ونمت تلك الجاليات دون أن يتعرض لها بأذى تحت حكم الأباطرة الوثنيين، وأثروا في عهد القوط الغربيين الآريين، ولكنهم تعرضوا للاضطهاد الميئس بعد أن اعتنق الملك ريكارد (٥٦٨ - ٦٠١) عقائد مؤتمر نيقية. ولسنا نعرف أن اليهود تعرضوا للاضطهاد في غالة قبل أن تصدر قرارات مجلس أورليان الثالث والرابع (في عامي ٥٣٨ و ٥٤١) بعد أن انتصر كلوفس Clovis المسيحي المتمسك بدينه على القوط الغربيين الآريين بجيل من الزمان. وأحرق مسيحيو أورليان كنيساً يهودياً حوالي عام ٥٦٠، وطلب اليهود إلى جنترام Gunthram ملك الفرنجة أن يعيد بناؤه من أموال الدولة أسوة بما فعله ثيودريك في مثل هذه الحادثة من قبل. ولما رفض جنترام هذا الطلب صاح الأسقف جريجوري التوري Gregory of Tours: " ما أعظمك أيها الملك وما أعجب حكمتك! " (١١).

وكان اليهود في البلاد التي انتشروا فيها ينتعشون على الدوام بعد هذه الخطوب، فكانوا يعيدون بناء معابدهم في صبر وأناة، وينظمون شئون حياتهم ويكدحون، ويتجرون، ويرابون، ويصلون، ويأملون، ويزدادون ويتضاعفون. وكان يطلب إلى كل جالية في بلد أن تقيم على نفقتها مجتمعة