الوافي الممل عما يجوز عمله وما لا يجوز في السبت. ولكن فتاوي الأحبار كانت تهدف إلى التقليل من أهوال التقوى أكثر مما تهدف إلى زيادتها. وكان ما فيها من الدقة يرمي إلى تلمس الأسباب المقنعة لحمل الإنسان على أن يفعل ما يجب عليه أن يفعله في يوم الراحة. يضاف إلى هذا أن اليهودي الصالح كان يجد سعادة خفية في التمسك بشعائر السبت القديمة. فكان يبدؤه بقداس قصير. كان وهو محوط بأفراد أسرته وبأصدقائه (لأن هذا اليوم كان من الأيام التي يحلو فيها دعوة الأصدقاء)، يمسك بيده كأساً مملوءة بالخمر، يتلو عليها بعض الأدعية، ثم يشرب بعضها ويناول الكأس لضيوفه وزوجته وأبنائه. ثم يأخذ بعدئذ الخبز ويباركه، ويحمد الله "الذي يخرج الخبز من الأرض"، ويعطي بعضه لكل من يجلسون معه على المائدة. ولا يجوز الصوم أو الحزن في السبت.
وكانت أيام مقدسة كثيرة تتخلل العام وتتيح لليهود الفرص للاحتفال بالذكريات المقدسة أو الراحة المحببة. فمنها عيد الفصح اليهودي الذي يبدأ في الرابع عشر من شهر نيسان (إبريل) ويستمر ثمانية أيام يحيي فيها ذكرى فرار اليهود من مصر. وكانوا في الأيام الأولى من العهد الذي أوحى فيه بالكتاب المقدس يسمونه عيد الخبز الفطير، لأن اليهود قد فروا ومعهم العجين الذي يصنعون منه خبزهم دون أن يختمر. وكان هذا العيد يسمى في أيام التلمود عيد المرور، لأن يهوه وهو يقضي على البكور من أبناء المصريين قد "مر" بالبيوت التي رش من فيها من اليهود دم الحمل على قوائم أبوابها (٦٣). وكان اليهود يحتفلون في اليوم الأول من هذا العيد بوجبة عيد الفصح (السّدِر)، فكان كل أب يرأس حفلة الصلاة لأسرته المجتمعة عنده. ويقوم معهم بمراسم تذكرهم بأيام موسى البئيسة، ينقل في خلالها عن طريق الأسئلة والأجوبة القصة القيمة العزيزة إلى الأبناء الصغار وفي عيد العنصرة، وموعده بعد سبعة أسابيع من عيد الفصح يحتفل اليهود في عيد شيوعوت بحصاد القمح وتجلي الله لموسى على الجبل في سيناء. وفي اليوم الأول