حتى يتأكدوا من أن الحيوان سليم من الأمراض. ويجب ألا يجمع في الوجبة الواحدة بين اللحم واللبن أو بين الأطعمة التي يدخل فيها هذان الصنفان، بل يجب ألا يوضعا قريبين أحدهما من الآخر في المطبخ (٥٣). ولحم الخنزير محرم ممقوت. ولا يصح أكل البيض، أو البصل، أو الثوم إذا كان قد ترك بالليل منزوع القشر (٥٤). ويجب الامتناع عن تناول الطعام في غير أوقاته المحددة:"لا تنقر طول النهار كالدجاج"(٥٥). "والذين يموتون من الإفراط في الأكل أكثر ممن يموتون من نقص التغذية"(٥٦). "والأكل إلى سن الأربعين نافع للصحة، أما بعد الأربعين فالشرب نافع لها"(٥٧)، والاعتدال في الشرب خير من الامتناع عنه بتاتاً، فكثيراً ما يكون الخمر دواء نافعاً (٥٨)، و "ليس ثمة سرور إلا به"(٥٩). وقد أراد أحبار اليهود أن يسيروا في موضوع التغذية إلى غايته فقالوا إن "من يطل المكث في المرحاض يطل عمره" وأشاروا بأداء صلاة شكر كلما استجاب الإنسان لنداء الطبيعة (١).
وكانوا يقامون التنسك وينصحون بني دينهم أن يتمتعوا بطيبات الحياة إذا لم يكن فيها ما هو محرم (٦١). وقد فرض عليهم الصيام في مواسم معينة وفي بعض الأيام المقدسة، ولكن لعل الدين هنا قد اتخذ وسيلة للحض على العناية بالصحة. واقتضت حكمة الشعب أن يؤمر اليهود بأن يحتفلوا بالأعياد ويقيموا الولائم من آن إلى آن، رغم نغمات الحزن والأسى التي كانت تسمع منهم حتى في أفراحهم. "يجب على الإنسان أن يدخل السرور في العيد على زوجته وآل بيته". ويجب عليه إن استطاع أن يهيئ لهم ثياباً جديدة (٦٢). ويبدو أن السبت-وهو أعظم ما ابتدعه اليهود-كان عبئاً ثقيلاً عليهم في أيام التلمود، فقد كان ينتظر من اليهودي التقي أن يجعل كلامه أقل ما يستطيع، وألا يوقد النار في منزله، وأن يقضي الساعات عاكفاً على الصلاة في الكنيس. وثمة نبذة طويلة تتحدث بالتفصيل