فقرة ثالثة إلى من يريد أن يتخذ له زوجة ثانية أن يطلق زوجته الأولى إذا أرادت هي الطلاق (٨٨). ونظام تعدد الأزواج هذا تفترضه كذلك العادة القديمة التي يطالب اليهودي بمقتضاها أن يتزوج من أرملة أخيه بعد وفاته، وأكبر الظن أن منشأ هذه العادة لم يكن هو العطف والشفقة فحسب، بل كانت تقوم فوق ذلك على الرغبة في الإكثار من النسل في مجتمع ترتفع فيه نسبة الوفيات شأنه في ذلك شأن كل المجتمعات التي قامت في العصور القديمة والعصور الوسطى.
وبعد أن يسر الأحبار للرجل إشباع غريزته الجنسية على هذا النحو جعلوا الزنى من الجرائم التي يعاقب مرتكبها بالإعدام، وكان منهم من يقول مع المسيح إن "الإنسان قد يزني بعينيه"(٨٩)، ومنهم من ذهب إلى أبعد من هذا فقال:"إن من يتطلع إلى خنصر امرأة لا أكثر قد ارتكب إثماً في قلبه"(٩٠)، ولكن رب أريكا أرقى من هؤلاء وأولئك قلباً إذ يقول:"يجد الإنسان في كتاب سيئاته يوم الحشر كل شيء رآه بعينيه وأبى أن يستمتع به (٩١).
وأبيح الطلاق برضا الطرفين، فأما الزوج (الرجل) فلا يمكن أن يطلّق إلا برضاه، وأما الزوجة فيجوز للرجل أن يطلقها بغير رضاها. وطلاق الزوجة الزانية أمر واجب، كذلك يشار بطلاق الزوجة إذا ظلت عقيماً عشر سنين بعد الزواج (٩٢). ولم تكن مدرسة شماي تبيح طلاق المرأة إلا إذا زنت، أما مدرسة هلل فقد أباحت للرجل أن يطلق زوجته إذا وجد فيها "شيئاً معيباً"، وكانت الغلبة في أيام التلمود لرأي هلل، وقد ذهب فيه عقيبا إلى حد بعيد فقال إن "في وسع الرجل أن يطلّق زوجته، إذا وجد امرأة أخرى أجمل منها" (٩٣). وكان في وسع الرجل أن يطلّق زوجته إذا عصت أوامر الشريعة اليهودية بأن سارت أمام الناس عارية الرأس، أو غزلت الخيط في الطريق العام، أو تحدثت إلى مختلف أصناف الناس أو "إذا كانت عالية الصوت أي إذا كانت تتحدث في بيتها ويستطيع جيرانها سماع ما تقول" (٩٤) ولم يكن عليه في هذه الأحوال