أن يرد إليها بائنتها. ولم يكن هجر الرجل زوجته يوجب طلاقها منه (٩٥)، وأباح بعض رجال الدين للزوجة أن تلجأ إلى المحكمة تطلب الطلاق من زوجها إذا قسا عليها، أو كان عنيناً، أو أبى أن يؤدي الواجبات الزوجية، أو لم ينفق عليها النفقة التي تليق بها (٩٦)، أو كان مشوهاً أو نتناً (٩٧). وكان الأحبار يحاولون تقليل الطلاق بأن يضعوا في سبيله إجراءات قانونية معقدة، ويفرضون في جميع الأحوال-إلا القليل النادر منها-استيلاء الزوجة على البائنة والمهر؛ ويقول الحاخام إلعَزَر Eleazar " إن المذبح نفسه ليذرف الدمع على من يطلق زوجة شبابه"(٩٨).
وجملة القول أن قوانين التلمود، بوجه عام، من وضع الرجال وأنها لذلك تحابي الذكور محاباة بلغ من قوتها أن بعثت في نفوس أحبار اليهود الفزع من قوة المرأة، وهم يلومونها، كما يلومها الآباء المسيحيون، لأنها أطفأت "روح العالم" بسبب تشوف حواء المنبعث عن ذكائها. وكانوا يرون أن المرأة "خفيفة العقل"(٩٩)، وإن كانوا يقرون لها بأنها وهبت حكمة غريزية لا وجود لها في الرجل (١٠٠). وهم يأسفون أشد الأسف لما جبلت عليه المرأة من ثرثرة:"لقد نزلت على العالم عشرة مكاييل من الكلام؛ أخذت المرأة منها تسعة، وأخذ الرجل واحداً"(١٠١). ونددوا بأنهماكها في السحر وما إليه من الفنون الخفية (١٠٢)، وفي الأصباغ والكحل (١٠٣). ولم يكونوا يرون بأساً في أن ينفق الرجل بسخاء على ملابس زوجته، ولكنهم كانوا يطلبون إليها أن تجمل نفسها لزوجها لا لغيره من الرجال (١٠٤). وفي القضاء-على حد قول أحد الأحبار-"تعدل شهادة مائة امرأة شهادة رجل واحد"(١٠٥)؛ وكانت حقوق النساء الملكية محددة في التلمود بالقدر الذي كانت محددة به في إنجلترا في القرن الثامن عشر؛ فمكاسبهن وما يؤول إليهن من ملك لهن حق لأزواجهن (١٠٦)، ومكان المرأة هو البيت. ويقول أحد الأحبار المتفائلين إن المرأة في "عصر المسيح الثاني ستلد