أعلن داود في عام ٩٣٠ حرمان سعديا، وأن أعلن سعديا حرمان داود. ولما مات داود في عام ٩٤٠ نَصَّب سعديا إجزيلاركاً جديداً، ولكن المسلمين قتلوا هذا الإجزيلارك لأنه طعن في النبي محمد. فما كان من سعديا إلا أن عيّن ابن القتيل خلفاً، وقُتل هذا الشاب أيضاً؛ وحينئذ قرر اليهود بعد أن فت في عضدهم على هذا النحو أن يبقوا هذا المنصب شاغراً، وبذلك انتهى عهد الإجزيلاركية البابلية الذي دام سبعة قرون. وكان تفكك الخلافة العباسية في بغداد وقيام دوق إسلامية مستقلة في مصر، وشمالي أفريقية، وأسبانيا سبباً في ضعف الروابط بين يهود آسية وأفريقية وأوربا وأصيب يهود بابل بما أصيب به الإسلام في الشرق من ضعف اقتصادي بعد القرن العاشر الميلادي، فأغلقت كلية سورا أبوابها في عام ١٠٣٤ وحذت حذوها بمبديثا بعد أربع سنين، وانتهى عهد الجاؤنية في عام ١٠٤٠؛ وزادت الحروب الصليبية الهوة بين يهود بابل ويهود مصر، وأوربا، ولما خرب المغول بغداد في عام ١٢٢٨ كادت الجالية اليهودية البابلية أن تختفي من صفحات التاريخ.
وكان كثيرون من يهود الشرق قد هاجروا قبل هذه الكوارث إلى أقاصي آسية الشرقية، وبلاد العرب، ومصر، وشمالي أفريقية وأوربا؛ فكان في سيلان ٢٣. ٠٠٠ عبراني في عام ١١٦٥ (١١)، وبقيت في بلاد العرب عدة جاليات يهودية بعد أيام النبي؛ ولما فتح عمرو بن العاص مصر في عام ٦٤١ كتب إلى الخليفة يقول إن في الإسكندرية أربعة آلاف من اليهود "أهل الذمة". ولما اتسعت مدينة القاهرة ازداد عدد من فيها من اليهود أصحاب العقيدة القديمة والقرائين. وكان يهود مصر يستمتعون بالحكم الذاتي في شئونهم الداخلية بزعامة النجيد أو أمير اليهود، وازدادت ثروتهم من الأعمال التجارية وارتفعوا إلى المناصب العالية في حكومات الدول الإسلامية (١٢). وتقول إحدى الروايات إن أربعة من أحبار اليهود أبحروا على ظهر إحدى السفن من باري Bari في إيطاليا، ولكن