جباية الإيراد. وكانت جماعاتهم المقيمة في لندن، وتورتش Norwch، ويورك، وغيرها من المراكز الإنجليزية خارجة عن اختصاص ولاة الأمور المحليين في شئونها القانونية، فكانت لا تخضع إلا للملوك أنفسهم. ووسعت هذه العزلة القضائية الهوة بين المسيحيين واليهود، وكانت سبباً من أسباب المذابح المدبرة التي حدثت في القرن الثاني عشر.
وكان في غالة تجار يهود من عهد يوليوس قيصر، وقبل أن يحل عام ٦٠٠ بعد الميلاد وجدت جاليات يهودية في جميع المدن الكبرى في غالة؛ واضطهدهم الملوك المروفنجيون بوحشية، وأمرهم كلبريك Chilperic أن يعتنقوا الدين المسيحي على بكرة أبيهم وإلا فقأ أعينهم (٥٨١)(١٤)، أما شارلمان فإنه بسط عليهم حمايته لأنه وجد فيهم زراعاً، وصناعاً، وأطباء، ورجال مال نافعين، واختار يهوديا ليكون طبيبه الخاص، وإن كان قد أبقى على القوانين التي تحرم اليهود من بعض الحقوق التي يتمتع بها غيرهم. وتقول إحدى الروايات المشكوك في صحتها أنه استقدم في عام ٧٨٧ أسرة فلونيموس Kalonymos من لكا Lucea إلى مينز ليشجع الدراسات اليهودية في دول الفرنجة، ثم أرسل في عام ٧٩٧ يهودياً مترجماً أو مفسراً مع بعثة سياسية إلى هارون الرشيد. وكان لويس التقي Leuis the Pieus يميل إلى اليهود لعملهم في تنشيط التجارة؛ وعين موظفاً خاصاً للدفاع عن حقوقهم، واستمتع اليهود في فرنسا في القرنين التاسع والعاشر بقدر من الرخاء والطمأنينة لم يستمتعوا به بعدئذ قبل أيام الثورة الفرنسية؛ وذلك رغم ما كان يذاع ضدهم من الأقاصيص، وما يفرض عليهم من القيود الرومانية، وما يصيبهم أحياناً من الاضطهاد القليل (١٥) وكانت في إيطاليا من أقصاها إلى أقصاها جاليات يهودية منتشرة من تراني Trani إلى البندقية وميلان، وكان اليهود كثيرين في بدوا بنوع خاص، ولعلهم كان لهم أثر في نشر فلسفة ابن رشد في جامعتها. وكان في سالرنو Salerno، حيث أنشئت في البلاد المسيحية اللاتينية أولى مدارس الطب في