بفضله-بالنجيد-الأمير (في إسرائيل). ولما توفي عام ١٠٥٥ خلفه في الوزارة، والنجادة ابنه يوسف بن نجدلا.
وكانت هذه القرون الثلاثة-العاشر، والحادي عشر، والثاني عشر، هي العصر الذهبي ليهود أسبانيا، وأسعد عصور التاريخ العبري الوسيط، وأعظمها ثمرة. ولما أن افتدى موسى بن شنوك (المتوفي عام ٩٧٥ وأحد المهاجرين من باري) من الأسر في قرطبة، أنشأ فيها بمجموعة حسداي مجمعاً علمياً، ما لبث أن أصبحت له الزعامة الفعلية على يهود العالم كله. وافتتحت مجامع مثله في أليسانة، وطليطلة، وبرشلونة، وغرناطة … ، وبينما كانت المدارس اليهودية في الشرق تقصر نشاطها على التعليم الديني، كانت هذه المدارس الأسبانية تعلم فيما تعلمه الأدب. والموسيقى، والرياضيات، والهيئة، والطب، والفلسفة (٢١). وبفضل هذا التعليم نالت الطبقات العليا من يهود أسبانيا في ذلك الوقت سعة وعمقاً في الثقافة والظرف لم ينلهما إلا معاصروهم من المسلمين، والبيزنطيين، والصينيين. وكان مما يسربل الرجل المؤثر أو صاحت المركز السياسي بالعار ألا يلم بالتاريخ، والعلوم الطبيعية، والفلسفة، والشعر (٢٢). ونشأت في ذلك الوقت أرستقراطية يهودية تزدان بما فيها من النساء الحسان، ولعلها قد أفرطت في الاعتداء بتفوقها على غيرها، ولكن كان يقابل هذا الاعتداد ويخفف من وقعه اعتقادها أن شرف المحتد وكثرة الثراء يفرضان على صاحبهما واجبات من السخاء والفضل.
ويمكننا أن نؤرخ بداية تدهور يهود أسبانيا من سقوط يوسف بن نجدلا. ذلك أنه كان يخدم الملك بكفاية لا تكاد تقل عن كفاية أبيه، ولكنه لم يكن له كما كان لأبيه من تواضع وكياسة جعلتا سكان البلاد-ونصفهم من المسلمين الأندلسيين-يرتضون أن يتولى أمورهم يهودي. من ذلك أنه جمع السلطة كلها في يده، وتشبه بالملك في لباسه، وسخر من القرآن، وتحدث الناس بأنه لا يؤمن