الجماعة المشتركة. وكان الأولاد يخرجون غلى المدارس مبكرين-قبل مطلع الفجر في الشتاء؛ ثم يعودون غلى بيوتهم بعد بضع ساعات لتناول الفطور، ثم يرجعون إلى المدرسة حيث يبقون حتى الساعة الحادية عشرة، ثم يأتون إلى المنزل للغذاء، ويعودون إلى المدرسة ظهراً، ثم يستريحون بين الساعة الثانية والثالثة، ثم يذهبون مرة أخرى غلى المدرسة ويبقون فيها إلى المساء، ثم يطلق سراحهم أخيراً ليعودوا إلى بيوتهم ليتعشوا، ويصلوا، ويناموا، وكذلك كانت حياة الغلام اليهودي حياة جدية شاقة (١٠٥).
وأول ما كان يدرسه الغلام اليهودي هو اللغة العبرية وأسفار موسى الخمسة؛ فإذا بلغ العاشرة من عمره بدأ يدرس المشنا، وفي الثالثة عشرة يأخذ في دراسة الأجزاء الرئيسية من التلمود، ومن شاء منهم أن يكون من العلماء واصل دراسة المشنا والجمارا من الثالثة عشرة غلى العشرين من عمره أو ما بعدها. وكان الطالب يتعلم عن طريق دراسته لموضوعات التلمود المختلفة مقداراً قليلاً من العلوم المختلفة تبلغ عشرة أو تزيد، ولكنه لا يكاد يدرس شيئاً من تاريخ اليهود (١٠٦). وكان أكثر ما يتعلمه عن طريق التكرار، وكانت التلاوة الجماعية قوية عالية غلى حد جعل بعض البيئات تمنع وجود المدارس فيها (١٠٧). أما التعليم العالي فكان مكانه اليشيبة أو المجمع العلمي، وكان خريج هذا المجمع يسمى تلميذ حاخام أي عالماً بالشريعة؛ وكان يعفى عادة من الضرائب المفروضة على سائر أفراد العشيرة، وكان ينتظر من غير العلماء أن يهبوا واقفين إذا أقبل أو أدبر وإن لم يكن حتماً من الأحبار الرسميين (١٠٨).
أما الحبر الرسمي فكان معلماً وقاضياً، وكاهناً. وكان يطلب إليه أن يتزوج، ولك يكن يتقاضى نظير القيام بواجباته الدينية إلا القليل من الأجر إذا تقاضى شيئاً منه على الإطلاق؛ وكان في العادة يكسب عيشه بعمل من الأعمال التي لا تمت بصلة إلى الدين؛ وقلّما كان يعظ، لأن الوعظ كان متروكاً لوعاظ متنقلين (مجديم)