للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعتناق الدين المسيحي رغم تحمسه الشديد لنشر هذا الدين، وحافظ على مالهم من حق المواطنية الرومانية في البلاد الخاضعة لحكمه (١٢٨)؛ ولما أن استولى الأساقفة في طرشونة Terracina وبالرم على معابد اليهود لكي ينتفع بها المسيحيون أرغمهم جريجوري على أن يردوها إليهم كاملة (١٢٩)، وكتب إلى أسقف نابلي يقول: "لا تسمح بأن يضيق على اليهود في أداء صلواتهم، ودع لهم الحرية الكاملة في مراعاة أعيادهم وأيامهم المقدسة والاحتفال بها، كما كانوا هم وآباؤهم يفعلون من زمن بعيد" (١٣٠). وحث جريجوري السابع الحكام المسيحيين على إطاعة قرارات مجلس الكنيسة التي تحرم استخدام اليهود في المناصب؛ ولما قدم إنجنيوس الثالث إلى باريس عام ١١٤٥، وسار في موكب حافل إلى الكنيسة الكبرى التي كانت وقتئذ في الحي اليهودي، بعث اليهود إليه بوفد ليهدي إليه التوراة أو ملف الشريعة، فباركهم وعادوا إلى بيوتهم مغتبطين، وطعم البابا حمل عيد الفصح مع الملك (١٣١). وكان البابا اسكندر الثالث على وئام مع اليهود واستخدم واحداً منهم في إدارة شئونه المالية (١٣٢)؛ وتزعم إنوسنت Innocent الثالث مجلس لاتران الرابع فيما طلبه من أن يكون لليهود شارة خاصة، ووضع هو المبدأ القائل بأن اليهود على بكرة أبيهم قد فرضت عليهم العبودية الأبدية لأنهم صلبوا عيسى (١٣٣)، ثم كرر في ساعة كان فيها أرق مزاجاً الأوامر البابوية التي تحرم إرغام اليهود على ترك دينهم وقال: "لا يحق لمسيحي أن يؤذي اليهود في أجسامهم … أو يسلبهم أملاكهم … أو يتسبب في إقلاقهم أثناء الاحتفال بأعيادهم … أو يبتز منهم المال بتهديدهم بإحراق موتاهم (١٣٤). وأعفى جريجوري التاسع منشئ محكمة التفتيش (١) اليهود من إجراءاتها أو اختصاصها إلا إذا حاولوا تهديد المسيحيين، أو ارتدوا إلى الدين اليهودي بعد أن تنصروا (١٣٥)،


(١) أو ديوان التحقيق Inqusition كما يسميها بعض المترجمين. (المترجم)