كتاب قصة الحضارة

يهود العصور الوسطى - كراهية اليهود - ج: 14 - ص: 90

اليهودي، دون أن توقع عليها عقوبات الردة القاسية (١٤٧).

وكانت هذه المذابح إيذاناً بسلسلة من الهجمات الطويلة العنيفة لا تزال باقية إلى هذه الأيام. من ذلك أن حادثة قتل وقعت في بادن Baden عام ١٢٣٥ ولم يعرف مرتكبها اتهم بها اليهود، فأدى ذلك إلى مذبحة منهم؛ وفي عام ١٢٤٣ حرق جميع اليهود سكان بلتز Beltz القريبة من برلين وأهم أحياء بحجة أن بعضهم قد دنسوا خبزاً للتقدمة مقدساً (١٤٨). وفي عام ١٢٨٣ أثيرت في مينز فكرة ذبح أطفال المسيحيين في بعض الشعائر اليهودية، وقتل عشرة من اليهود ونهبت البيوت اليهودية على الرغم مما بذله ورنر كبير الأساقفة من جهود. وفي عام ١٢٨٥ أهاجت مثل هذه الشائعة أهل ميونخ Munich، ولجأ ١٨٠ يهودياً إلى كنيس لهم، فأشعل فيه الغوغاء النار، واحترق المائة والثمانون بأجمعهم. وبعد عام من ذلك الوقت قتل أربعون يهودياً في أبرويزل Oberwesel بحجة أنهم امتصوا دماء مسيحي، وفي عام ١٢٩٨ حرق كل يهودي في روتنجن Rottingen حتى قضى نحبه بحجة أن بعضهم قد دنس الخبز المقدس. ونظم رندفلشخ Rindfleisch وهو بارون متمسك بدينه جماعة من المسيحيين الذين أقسموا أن يقتلوا جميع اليهود وأمدهم بالسلاح، وأبادوا جميع الجالية اليهودية في ورزبرج، وذبحوا ٦٩٨ يهودياً في نورمبرج Nuremerg، ثم انتشرت موجة الاضطهاد فلم يمض إلا نصف عام حتى محي ١٤٠ كنيساً يهودياً (١٤٩). وملأ اليأس بعد هذه الاعتداءات المتكررة يهود قلوب ألمانيا، وكانوا قد أعادوا تنظيم جماعاتهم مراراً وتكراراً، فغادرت أسر يهودية كثيرة مينز، وورمز، وأسبير، وغيرها من المدن الألمانية وهاجرت إلى فلسطين لتعيش في بلاد المسلمين. وإذا كانت بولندة ولتوانيا تطلبان الهجرة إليها، ولم تكن قد حدثت فيهما مذابح حتى ذلك الوقت، فقد بدأت هجرة بطيئة من يهود بلاد الرين إلى بلاد القالبة في شرقي أوربا.