وأضحى اليهود في إنجلترا تجاراً ورجال مال بعد أن حرم عليهم تملك الأرض والانضمام إلى نقابات الصناع. ومنهم من أثروا من الربا وأصبحوا على بكرة أبيهم موضع الكراهية لأكله. وقد استعان الأشراف ملاك الأرض وأتباعهم على التسلح للحروب الصليبية بالمال المقترض من اليهود، ورهنوا لهم في نظير هذا المال ريع أرضيهم، واستشاط الزارع المسيحي غيظاً لرؤيته المرابين يثرون من كدحه. وحدث في عام ١١٤٤ أن وجد الشاب وليم من أهل نروخ Norwich قتيلاً، واتهم اليهود بمقتله لاستعمال دمه، وهوجم الحي اليهودي في المدينة ونهب وأحرق (١٥٠). وحمى الملك هنري الثاني اليهود، وحذا حذوه هنري الثالث، ولكنه جمع منهم ٤٢٢. ٠٠٠ جنيه ضرائب وقروضاً أخرى على رؤوس أموالهم في سبع سنين. وحدثت في الاحتفال بتتويج رتشرد الأول في إنجلترا (١١٩٠) مشاحنة تافهة شجعها الأشراف الذين يريدون أن يتخلصوا مما عليهم من ديون لليهود (١٥١)، فتطورت إلى مذبحة امتدت إلى لنكولن Lincoin، واستامفورد Stamford، ولن Linn. وقتل الغوغاء ٣٥٠ منهم في مدينة يورك في العام نفسه وكان يقودهم رتشرد دي ملابستيا Richard de Malabestia، وكان مستغرقاً في الدين لليهود. ثم قام مائة وخمسون من يهود يورك يتزعمهم الحبر توم طوب Tom Tob بقتل أنفسهم (١٥٣). وفي عام ١٢١١ غادر ثلاثمائة من أحبار اليهود إنجلترا وفرنسا ليبدءوا حياة جديدة في فلسطين، وبعد سبع سنين من ذلك العام هاجر كثيرون من اليهود حين نفذ هنري الثالث أمر الشارة اليهودية. وفي عام ١٢٥٥ راجت شائعة في أنحاء لنكولن تقول إن غلاماً يدعى هيو Hugh قد أغرى بدخول الحي اليهودي، ثم جلد، وصلب، وطعن بحربة، بحضور جمع من اليهود المبتهجين. وعلى أثر هذه الشائعة هاجمت عصابات مسلحة مقر اليهود، وقبضت على الكوهن الذي قيل إنه كان على رأس الاحتفال، وشدوه إلى ذيل جواد، وجروه في الشوارع، ثم شنقوه. ثم قبض على واحد وتسعين